[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
البلدَ وخروجه منه، واختياره الطالعَ لعمارة الدَّار والبناء بالأهل وغير ذلك؛ فعند الخاصَّة والعامَّة منهم عِبَرٌ يكفي العاقلَ بعضُها في تكذيب هؤلاء القوم ومعرفته لافترائهم على الله تعالى وأقضيته وأقداره، بل لا يكادُ يُعْرَفُ أحدٌ تقيَّد بالنجوم في ما يأتيه ويَذَرُه إلا نُكِبَ (1) أقبحَ نكبةٍ وأشنعَها؛ مقابلةً له بنقيض قصده، وموافاة النُّحوس له من حيثُ ظنَّ أنه يفوزُ بسَعْدِه.
فهذه سنةُ الله في عباده التي لا تُبدَّل، وعادتُه التي لا تُحَوَّل: أنَّ من اطمأنَّ
إلى غيره، أو وَثِقَ بسواه، أو رَكَنَ إلى مخلوقٍ يدبِّره؛ أجرى اللهُ له بسببه أو من جهته خلافَ ما عَلَّق به آمالَه.
وانظُر ما كان أقوى تعلُّق بني بَرْمَك بالنُّجوم، حتى في ساعات أكلهم وركوبهم وعامَّة أفعالهم، وكيف كانت نكبتُهم الشَّنيعة (2).
وانظُر حالَ أبي علي ابن مُقلة الوزير، وتعظيمَه لعلم أحكام النجوم، ومراعاته لها أشدَّ المراعاة، ودخولَه داره التي بناها بطالعٍ زعَم الكذَّابون المفترون أنه طالعُ سعدٍ لا يرى به في الدَّار مكروهًا، فقُطِعَت يدُه، ونُكِبَ في داره أقبحَ نكبةٍ نُكِبَها وزيرٌ قبله (3).
وقتلى المنجِّمين أكثرُ من أن يحصيهم إلا الله عزَّ وجل.
الوجه التاسع عشر: أنَّ هؤلاء القوم قد أقرُّوا على أنفسهم وشهادة بعضهم على بعضٍ بفسادِ أصول هذا العلم وأساسه.