[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
وفي الحديث المرفوع المشهور أنَّ من الملائكة من هو ساجدٌ لله لا يرفعُ رأسَه منذ خُلِق، ومنهم راكعٌ لا يرفعُ رأسَه من الرُّكوع منذ خُلِق إلى يوم القيامة، وأنهم يقولون يوم القيامة: سبحانك ما عبدناك حقَّ عبادتك (1).
ولمَّا كانت عبادتُه تعالى تابعةً لمحبته وإجلاله، وكانت المحبةُ نوعان (2):
محبةً تنشأ عن الإنعام والإحسان، فتُوجِبُ شكرًا وعبوديَّةً بحسب كمالها ونقصانها، ومحبةً تنشأ عن جمال المحبوب وكماله (3)، فتُوجِبُ عبوديَّةً وطاعةً أكمَل من الأولى= كان الباعثُ على الطاعة والعبوديَّة لا يخرُج عن هذين النَّوعين.
وأمَّا أن تقعَ الطَّاعةُ صادرةً عن خوفٍ محضٍ غير مقرونٍ بمحبة، فهذا قد ظنَّه كثيرٌ من المتكلِّمين، وهي عندهم غايةُ العارِف (4)، بناءً على أصلهم الباطل: أنَّ الله لا تتعلَّق المحبةُ بذاته، وإنما تتعلَّق بمخلوقاته مما هو في الجنَّة من النَّعيم؛ فهم لا يحبُّونه لذاته وكماله ولا لإحسانه، ويُنْكِرون محبتَه لذلك، وإنما المحبوبُ عندهم في الحقيقة غيرُه.