مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10820 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

واللذَّةُ مغمورةٌ مُسْتَهلَكةٌ في جنب مضرَّته، كما قال تعالى:

{وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}

، وقال:

{وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ}.

* وفصلُ الخطاب في المسألة: إن أُرِيد بالمصلحة الخالصة أنها في نفسها خالصةٌ من المفسدة لا يشُوبها مفسدة؛ فلا ريب في وجودها، وإن أُرِيد بها المصلحةُ التي لا يشُوبها مشقَّةٌ ولا أذًى في طريقها والوسيلة إليها ولا في ذاتها؛ فليست بموجودةٍ بهذا الاعتبار، إذ المصالحُ والخيراتُ واللذَّاتُ والكمالاتُ كلُّها لا تُنالُ إلا بحظٍّ من المشقَّة، ولا يُعْبَرُ إليها إلا على جسرٍ من التَّعب.
وقد أجمع عقلاءُ كلِّ أمَّةٍ على أنَّ النَّعيمَ لا يُدْرَكُ بالنَّعيم (1)، وأنَّ من آثَر الراحةَ فاتتهُ الراحة، وأنَّ بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاقِّ تكونُ الفرحةُ والملذَّة؛ فلا فرحة لمن لا همَّ له، ولا لذَّة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبدُ قليلًا استراح طويلًا، وإذا تحمَّل مشقَّة الصَّبر ساعةً قاده لحياة الأبد، وكلُّ ما فيه أهلُ النَّعيم المقيم فهو ثمرةُ صبر ساعة، والله المستعان، ولا قوَّة إلا بالله.
وكلَّما كانت النفوسُ أشرف، والهمَّةُ أعلى، كان تعبُ البدن أوفر، وحظُّه من الراحة أقلَّ، كما قال المتنبِّي (2): وإذا كانت النفوسُ كبارًا ... تعبَت في مرادها الأجسامُ

الصفحة

895/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !