مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

11709 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وطريقةُ القرآن صريحةٌ في هذا، كقوله تعالى:

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21 - 22]

، فذكر سبحانه أمرَهم بعبادته، وذكر اسمَ الربِّ مضافًا إليهم لمقتضى عبوديَّتهم لربهم ومالكهم، ثمَّ ذكر ضروبَ إنعامه عليهم: بإيجادهم وإيجاد من قبلهم، وجَعْل الأرض فراشًا لهم يمكنُهم الاستقرارُ عليها والبناءُ والسُّكنى، وجَعْل السَّماء بناءً وسقفًا؛ فذكر أرض العالم وسقفَه، ثمَّ ذكر إنزال مادَّة أقواتهم ولباسهم وثمارهم، منبِّهًا بهذا على استقرار حُسْن عبادة من هذا شأنُه وتشكره الفطرُ والعقول (1)، وقُبح الإشراك به وعبادة غيره.
* ومن هذا قولُه تعالى حاكيًا عن صاحب ياسينَ أنه قال لقومه محتجًّا عليهم بما تُقِرُّ به فطرُهم وعقولهم:

{وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 22]

، فتأمَّل هذا الخطابَ كيف تجدُ تحته أشرفَ معنًى وأجلَّه، وهو أنَّ كونه سبحانه فاطرًا لعباده يقتضي عبادتهم له، وأنَّ من كان (2) مفطورًا مخلوقًا فحقيقٌ به أن يعبُد فاطرَه وخالقه، ولا سيَّما إذا كان مردُّه إليه؛ فمبدؤه منه ومصيرُه إليه، وهذا يوجبُ عليه التفرُّغ لعبادته.
ثمَّ احتجَّ عليهم بما تُقِرُّ به عقولهم وفطرُهم من قُبح عبادة غيره، وأنها أقبحُ شيءٍ في العقل وأنكَرُه، فقال:

{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ

الصفحة

879/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !