[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
المخرجُ للأرض؟! * من جعل الأسنانَ حِدَادًا لقَطْع الطَّعام وتفصيله، والأضراسَ عِراضًا لرضِّه وطحنه؟! * من سَلَبَ الإحساسَ الحيوانيَّ الشُّعورَ والأظفار التي في الآدميِّ؛ لأنها قد تطولُ وتمتدُّ وتدعو الحاجةُ إلى أخذها وتخفيفها، فلو أعطاها الحسَّ لآلمتْه وشقَّ عليه أخذُ ما شاء منها، فلو كانت تحسُّ لوقع الإنسانُ منها في إحدى
البليَّتين: إمَّا تركها حتى تطول وتفحُش وتثقل عليه، وإمَّا مقاساةُ الألم والوجع عند أخذها؟! * من جعل باطنَ الكفِّ غير قابلٍ لإنبات الشَّعر؛ لأنه لو أشعَر لتعذَّر على الإنسان صحَّةُ اللَّمس، ولشقَّ عليه كثيرٌ من الأعمال التي تُباشَرُ بالكفِّ، ولهذه الحكمة لم يكن هَنُ الرَّجل قابلًا لإنباته؛ لأنه يمنعُه من الجماع، ولمَّا كانت المادَّةُ تقتضي إنباته هناك نبت حول هَنِ الرَّجل والمرأة.
ولهذه الحكمة سُلِب عن الشَّفتين، وكذا باطن الفم، وكذا أيضًا عن القدم أخمصِها وظاهرِها؛ لأنها تلاقي التُّرابَ والوسخَ والطِّينَ والشَّوك، فلو كان هناك شعرٌ لآذى الإنسان جدًّا، وحمل من الأرض كلَّ وقتٍ ما يُثقِلُ الإنسان.
وليس هذا للإنسان وحده، بل ترى البهائم قد جلَّلها الشَّعرُ (1) كلَّها، وأُخْلِيَت هذه المواضعُ منه لهذه الحكمة.