{هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
قالوا: فهذا صريحٌ في أنَّ آدم لم يكن مخلوقًا في دار الخُلد التي لا يموتُ من دخلها، وإنما خُلِقَ في دار الفناء التي جعل اللهُ لها ولأهلها أجلًا معلومًا، وفيها أُسْكِن.
فإن قيل: فإذا كان آدمُ قد عَلِمَ أنَّ له عمرًا ينتهي إليه، وأنه ليس من الخالدين، فكيف لم يكذِّب إبليسَ ويعلَم بطلانَ قوله حيثُ قال له:
{هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}
، بل جوَّز ذلك وأكلَ من الشجرة طمعًا في الخُلد؟! فالجوابُ (1) ما تقدَّم من الوجهين: إمَّا أن يكون المرادُ بالخُلد المُكثَ الطَّويل، لا أبدَ الأبد (2)، أو يكون عدوُّه إبليسُ لما قاسَمه وزوجَه وغرَّهما وأطمَعهما بدوامهما في الجنة نسي ما قُدِّرَ له من عمره.
قالوا: والمعوَّلُ عليه في ذلك قولُه تعالى للملائكة:
{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}
، وهذا الخليفةُ هو آدمُ باتفاق الناس، ولما عَجِبَت الملائكةُ من ذلك وقالوا:
{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}
عرَّفهم سبحانه أنَّ هذا الخليفةَ الذي هو جاعلُه في الأرض ليس حالُه كما توهَّمتم من الفساد، بل أعلِّمه من علمي ما لا تعلمونه، فأَظْهَرَ فضلَه وشرفَه بأنْ علَّمه الأسماء كلَّها، ثمَّ عرضهم على