{يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: 18].
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
ويكفي من فطنتها ما قصَّ الله سبحانه (1) في كتابه من قولها لجماعة النَّمل ــ وقد رأت سليمان عليه الصَّلاةُ والسَّلام وجنودَه ــ:
{يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: 18].
فتكلَّمت بعشرة أنواعٍ من الخطاب في هذه النَّصيحة: النِّداء، والتَّنبيه، والتَّسمية، والأمر، والنَّص، والتَّحذير، والتَّخصيص، والتَّعميم (2)، والاعتذار.
فاشتملت نصيحتُها مع الاختصار على هذه الأنواع العشرة (3).
ولذلك أعجبَ سليمانَ قولُها، وتبسَّم ضاحكًا منه، وسأل الله أن يُوزِعَه شُكرَ نعمته عليه لمَّا سمعَ كلامها (4).
ولا تُستبعَدُ هذه الفطنةُ من أمَّةٍ من الأمم تسبِّحُ بحمد ربها كما في «الصَّحيح» (5) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«نزل نبيٌّ من الأنبياء تحت شجرة، فلدغته نملة، فأمر بجَهازه (6) فأُخرِج، ثمَّ أحرقَ قريةَ النَّمل، فأوحى الله إليه: مِنْ أجل أنْ لدغتكَ نملةٌ أحرقتَ أمَّةً من الأمم تسبِّح!، فهلَّا نملةً واحدة؟!».