مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10852 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

على كثرتها، لا يُرى منها شيءٌ (1)، وليست شيئًا قليلًا فتخفى لقلَّتها، بل قد قيل: إنها أكثرُ من النَّاس.
واعتَبِر ذلك بما تراه في هذه الصَّحاري من أسراب الظِّباء والبقر والوُعول، والذِّئاب والنُّمور، وضُروب الهوامِّ على اختلافها، وسائر دوابِّ الأرض، وأنواع الطُّيور، التي هي أضعافُ أضعاف بني آدم؛ لا تكادُ ترى منها شيئًا ميتًا، لا في كِناسِه (2)، ولا في أوكاره، ولا في مَسَاقِطه ومَراعِيه وطُرقه ومَوارده ومَناهِله ومَعاقِله ومَعاصِمه؛ إلا ما عدا عليه عادٍ؛ إمَّا افتَرسه سَبُعٌ أو رماه صائدٌ أو عدا عليه عادٍ أشغلَه وأشغلَ بني جنسه عن إحراز جسمه وإخفاء جيفته.
فدلَّ ذلك على أنها إذا أحسَّت بالموت، ولم تُغْلَب على أنفُسها، كَمَنَت (3) حيثُ لا يوصَلُ إلى أجسامها، وقَبَرت جِيفَها قبل نزول البَيْن بها، ولولا ذلك لامتلأت الصَّحاري بجِيَفها وأفسدت الهواءَ بروائحها، فعاد ضررُ ذلك بالنَّاس، وكان سبيلًا إلى وقوع الوباء.
وقد دلَّ على هذا قولُه تعالى في قصَّة ابنَي آدم:

{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة: 31].

وأما ما جُعِل عَيشُه بين النَّاس، كالأنعام والدَّوابِّ؛ فلقُدرة الإنسان على

الصفحة

679/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !