مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10926 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

فسَل الزَّنادقة والمعطِّلة: أيُّ طبيعةٍ اقتضت هذا؟! وأيُّ فَلَكٍ أوجَبه؟! وهلَّا كانت كلُّها راتبةً أو منتقلة (1)، أو على مقدارٍ واحد، وشكلٍ واحد، وحركةٍ واحدة، وجريانٍ واحد؟! وهل هذا إلا صُنعُ من بَهَرَت العقولَ حكمتُه، وشَهِدَت مصنوعاتُه ومبتدعاتُه بأنه الخالقُ الباراء المصوِّر الذي ليس كمثله شيء، أحسَن كلَّ شيءٍ خَلَقه، وأتقَن كلَّ ما صَنعَه، وأنه العليمُ الحكيمُ الذي خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وأنَّ هذه إحدى آياته الدَّالَّة عليه، وعجائب مصنوعاته المُوصِلة للأفكار إذا سافرَت فيها إليه، وأنه خلقٌ مسخَّرٌ مربوبٌ مدبَّر؟!

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]

.
فإن قلتَ: فما الحكمةُ في كون بعض النُّجوم راتبًا وبعضها منتقِلًا؟

قيل: إنها لو كانت كلُّها راتبةً لبطلت الدَّلالاتُ والحِكَمُ التي نشأت من تنقُّلها في منازلها ومسيرها في بُروجها، ولو كانت كلُّها منتقِلةً لم يكن لمسيرها منازلُ تُعْرَف بها ولا رسمٌ يقاسُ عليه (2)؛ لأنه إنما يقاسُ مسيرُ المنتقِلة منها بالرَّاتب، كما يقاسُ مسيرُ السَّائرين على الأرض بالمنازل التي يمرُّون عليها (3).

الصفحة

601/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !