مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10891 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

يقالُ للعلماء: «أطبَّاءُ القلوب» (1) فهو لقَدْرٍ ما جامعٍ بينهما، وإلا فالأمرُ أعظمُ من ذلك؛ فإنَّ كثيرًا من الأمم يستغنون عن الأطبَّاء، ولا يوجدُ الأطبَّاء إلا في اليسير من البلاد، وقد يعيشُ الرجلُ عمره أو برهةً منه لا يحتاجُ إلى طبيب، وأما العلماءُ بالله وأمره فهم حياةُ الوجود وروحُه، ولا يستغنى عنهم طرفةَ عين.
فحاجةُ القلب إلى العلم ليست كالحاجة إلى التنفُّس في الهواء، بل أعظَم.
وبالجملة؛ فالعلمُ للقلب مثلُ الماء للسَّمك، إذا فقده مات، فنسبةُ العلم إلى القلب كنسبة ضوء العين إليها، وكنسبة سمع الأذن إليها، وكنسبة كلام اللِّسان إليه؛ فإذا عَدِمَه كان كالعين العمياء، والأذن الصَّمَّاء، واللِّسان الأخرس.
ولهذا يصفُ سبحانه أهلَ الجهل بالعمى والصَّمَم والبَكَم، وذلك صفةُ قلوبهم، فَقَدَت العلمَ النافعَ فبَقِيَت على عماها وصَمَمها وبَكَمِها، قال تعالى

: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: 72]

، والمراد: عمى القلب في الدنيا، وقال تعالى:

{وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [الإسراء: 97]

؛ لأنهم هكذا كانوا في الدنيا، والعبدُ يُبْعَثُ على ما مات عليه.
واختُلِفَ في هذا العمى في الآخرة (2).

الصفحة

307/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !