مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10131 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

مشروطًا بزَكاء (1) المحلِّ وقبوله للتزكية، فإذا كان المحلُّ غير زكيٍّ ولا قابلٍ للتزكية كان كالأرض الصَّلْدَة التي يخالطُها الماء، فإنه يمتنعُ النباتُ منها؛ لعدم أهليتها وقبولها.
فإذا كان القلبُ قاسيًا حَجَريًّا، لا يقبلُ تزكيةً ولا تُؤثِّرُ فيه النصائح، لم ينتفع بكلِّ علمٍ يعلمُه، كما لا تنبتُ الأرضُ الصلبة ولو أصابها كلُّ مطر، وبُذِرَ فيها كلُّ بَذْر.
كما قال تعالى في هذا الصنف من الناس:

{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 96 - 97]

، وقال تعالى: 

{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 111]

، وقال تعالى:

{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101].

وهذا في القرآن كثير.
فإذا كان القلبُ قاسيًا غليظًا جافيًا لا يعملُ فيه العلمُ شيئًا، وكذلك إذا كان مريضًا مَهِينًا مائيًّا لا صلابةَ فيه ولا قوةَ ولا عزيمة لم يؤثِّر فيه العلم.
السببُ الثالث: قيامُ مانع؛ وهو إمَّا حسدٌ أو كِبْر، وذلك مانعُ إبليس من الانقياد للأمر، وهو داءُ الأولين والآخرين إلا من عصم الله، وبه تخلَّف الإيمانُ عن اليهود الذين شاهدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرفوا صحةَ نبوَّته ومن جرى مجراهم، وهو الذي منع عبد الله بن أبيٍّ من الإيمان، وبه تخلَّفَ الإيمانُ عن أبي جهلٍ وسائر المشركين؛ فإنهم لم يكونوا يرتابون في صدقه

الصفحة

265/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !