مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

14772 6

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وَالْبَاطِلَ} [الرعد: 17]

؛ شبَّه سبحانه العلمَ الذي أنزله على رسوله بالماء الذي أنزله من السماء؛ لِمَا يحصُل بكلِّ واحدٍ منهما من الحياة ومصالح العباد في معاشهم ومعادهم.
ثمَّ شبَّه القلوبَ بالأودية؛ فقلبٌ كبيرٌ يسع علمًا كثيرًا، كوادٍ عظيمٍ يسعُ ماءً كثيرًا، وقلبٌ صغيرٌ إنما يسعُ علمًا قليلًا، كوادٍ صغيرٍ إنما يسعُ ماءً قليلًا؛ فقال:

{فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}.

{فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا}

: هذا مثلٌ ضربه الله تعالى للعلم حين تخالِطُ القلوبَ بشاشتُه؛ فإنه يستخرجُ منها زَبَدَ الشُّبهات الباطلة، فيطفو (1) على وجه القلب، كما يستخرجُ السَّيلُ من الوادي زَبَدًا يعلو فوق الماء.
وأخبرَ سبحانه أنه رابٍ، أي: يطفو ويعلو على الماء، لا يستقرُّ في أرض الوادي، كذلك الشُّبهاتُ الباطلةُ إذا أخرجها العلمُ رَبَتْ فوق القلب وطَفَتْ، فلا تستقرُّ فيه، بل تُجفى وتُرمى، ويستقرُّ في القلب ما ينفعُ صاحبَه والناسَ من الهدى ودين الحقِّ، كما يستقرُّ في الوادي الماءُ الصافي، ويذهبُ الزَّبدُ جفاءً، وما يعقِلُ عن الله أمثالَه إلا العالِمون (2).
ثمَّ ضربَ سبحانه لذلك مثلًا آخر، فقال:

{وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ}

يعني: أنَّ مما يُوقِدُ عليه بنو آدم من الذهب والفضَّة والنحاس والحديد يخرجُ منه خَبَثُه، وهو الزَّبدُ الذي تلقيه النارُ وتُخْرِجُه

الصفحة

165/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !