مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

10610 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

ضاع له شيءٌ فلقيه، فلا أدري انقضاء كلمته كان أسرع أم وِجْداني الطِّفلَ مع بعض أهل مكة في مَحْمَله، عرفتُه بصوته.
فقوله - صلى الله عليه وسلم -:

«لا طِيَرة، وخيرُها الفأل»

ينفي (1) عن الفأل مذهبَ الطِّيَرة من تأثيرٍ أو فعلٍ أو شرك، ويخلِّصُ الفألَ منها.
وفي الفُرقان بينهما فائدةٌ كبيرة، وهي أنَّ التطيُّر هو التشاؤمُ من الشيء المرئيِّ أو المسموع، فإذا استعملها الإنسانُ فرجع بها من سفره، وامتنع بها مما عزَم عليه؛ فقد قَرع بابَ الشرك، بل وَلَجَه وبراء من التوكُّل على الله، وفتحَ على نفسه باب الخوف والتعلُّق بغير الله والتطيُّر مما يراه أو يسمعُه، وذلك قاطعٌ له عن مقام

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}

،

{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}

، و

{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}

، فيصير قلبُه متعلِّقًا بغير الله عبادةً وتوكُّلًا، فيفسُد عليه قلبُه وإيمانُه وحالُه، ويبقى هدفًا لسهام الطِّيَرة، ويُسَاقُ إليه من كلِّ أوب، ويقيِّض له الشيطانُ من ذلك ما يُفْسِدُ عليه دينَه ودنياه، وكم ممَّن هلك بذلك، وخسر الدنيا والآخرة! فأين هذا من الفأل الصالح السَّارِّ للقلوب، المؤيِّد للآمال (2)، الفاتح بابَ الرجاء، المسكِّن للخوف، الرابط للجأش، الباعث على الاستعانة بالله والتوكل عليه، والاستبشار المقوِّي لأمله، السَّارِّ لنفسه؟! فهذا ضدُّ الطِّيَرة.
فالفألُ يفضي بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد، والطِّيَرة تفضي بصاحبها إلى المعصية والشرك؛ فلهذا استحبَّ - صلى الله عليه وسلم - الفألَ وأبطلَ الطِّيَرة.

الصفحة

1523/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !