{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 8 - 9]
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فكما أنه سبحانه محمودٌ على إحسانه وبرِّه، وفضله وثوابه، فهو محمودٌ على عدله وانتقامه وعقابه، إذ مَصْدَرُ (1) ذلك كلِّه عن عزَّته وحكمته.
ولهذا ينبِّه سبحانه وتعالى على هذا كثيرًا، كما في سورة الشعراء، حيث يذكرُ في آخرِ كلِّ قصَّةٍ من قصص الرسل وأممهم:
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (8) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 8 - 9]
؛ فأخبر سبحانه أنَّ ذلك صادرٌ عن عزَّته المتضمِّنة كمالَ قدرته، وحكمته المتضمِّنة كمالَ علمه ووضعه الأشياءَ مواضعها اللائقة بها (2). فما وَضعَ نعمتَه وإنجاءه (3) لرسله ولأتباعهم، ونقمتَه وإهلاكَه لأعدائهم، إلا في محلِّها اللائق بها؛ لكمال عزَّته وحكمته.
ولهذا قال سبحانه عقبَ إخباره عن قضائه بين أهل السَّعادة والشَّقاوة، ومصير كلٍّ منهم إلى ديارهم التي لا يليقُ بهم غيرُها، ولا تقتضي حكمتُه سواها:
{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر: 75].
* وأيضًا؛ فإنه سبحانه اقتضت حكمتُه وحمدُه أنْ فاوتَ بين عباده أعظمَ تفاوتٍ وأبينَه؛ ليشكره منهم من ظهرت عليه نعمتُه وفضلُه، ويعرفَ أنه قد حُبِيَ بالإنعام، وخُصَّ دونَ غيره بالإكرام.