مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة

12012 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]

المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1603

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد

الصفحة

1/ 107

وهذه المعرفةُ بالله لا تكونُ إلا للأنبياء ولورثتهم.
ونظيرُ هذه الآية قوله تعالى:

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 76]

، فالمثلُ الأوَّلُ للصَّنم وعابديه، والمثلُ الثَّاني ضربه الله تعالى لنفسه، وأنه يأمرُ بالعدل وهو على صراطٍ مستقيم، فكيف يُسَوَّى بينه وبين الصَّنم الذي له مثلُ السَّوء؟! فما فَعَله الرَّبُّ تبارك وتعالى مع عباده هو غايةُ الحكمة والإحسان والعدل، في إقدارهم وإعطائهم ومنعِهم وأمرهم ونهيهم.
فدعوى المدَّعي أنَّ هذا نظيرُ تخلِيَة السيِّد بين عبيده وإمائه يفجُر بعضُهم ببعض، ويسبي بعضهم بعضًا، أكذبُ دعوى وأبطلُها، والفرقُ بينهما أظهرُ وأعظمُ من أن يُحتاج إلى ذكره والتَّنبيه عليه.
والحمدُ لله الغنيِّ الحميد؛ فغناهُ التَّامُّ فارقٌ، وحَمْدُه ومُلْكُه (1)، وعزَّتُه وحكمتُه، وعلمُه وإحسانُه، وعدلُه ودينُه، وشرعُه وحكمُه، وكرمُه ومحبتُه للمغفرة والعفو عن الجناة، والصَّفح عن المسيئين، وتوبةِ التَّائبين، وصبر الصَّابرين، وشُكر الشاكرين، الذين يؤثِرُونه على غيره، ويتطلَّبون مَراضيه، ويعبدونه وحده، ويسيرون في عبيده بسِيرة العدل والإحسان والنَّصائح، ويجاهدون أعداءه، فيبذُلون دماءهم وأموالهم في محبَّته ومرضاته، فيتميَّز الخبيثُ من الطَّيب، ووليُّه من عدوِّه، ويخرجُ طيِّبات هؤلاء وخبائث أولئك إلى الخارج، فيترتَّبُ عليها آثارُها المحبوبةُ للربِّ تعالى من الثَّواب والعقاب، والحمد لأوليائه، والذمِّ لأعدائه.

الصفحة

1060/ 1603

مرحباً بك !
مرحبا بك !