
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (24)]
المحقق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي- سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1603
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة تأليف الإمام العلامة محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عبد الرحمن بن حسن بن قائد
فحاصلُه أمران: أحدهما: أنه إنما قضى بالحُسْن والقُبح لموافقته غَرَضَه ومخالفته.
الثَّاني: أنَّ هذه الموافقة والمخالفة ليست عامَّةً في حقِّ كلِّ شخصٍ وزمانٍ ومكان، بل ولا في جميع أحوال الشَّخص.
هذا حاصلُ ما طوَّلتم به.
فيقال: لا ريب أنَّ الحُسْن يوافقُ الغَرَض، والقُبحَ يخالفه، لكنَّ موافقة هذا ومخالفة هذا هي لِمَا قام بكلِّ واحدٍ من الصِّفات التي أوجبَت الموافقةَ والمخالفة؛ إذ لو كانا سواءً في نفس الأمر وذواتُهما (1) لا تقتضي حُسْنًا ولا قُبحًا لم يختَصَّ أحدُهما بالموافقة والآخرُ بالمخالفة، ولم يكن أحدُهما بما اختَصَّ به أولى من العكس.
فما لجأتم إليه من موافقة الغَرض ومخالفته من أكبر الأدلَّة على أنَّ ذاتَ الفعل متَّصفةٌ بما لأجله وافق الغَرض وخالفه، وهذا كموافقة الغَرض ومخالفته في الطُّعوم والأغذية والرَّوائح؛ فإنَّ ما لاءم منها الإنسانَ ووافقه مخالفٌ بالذَّات والوصف لما نافَره منها وخالفَه، ولم تكن تلك الملاءمةُ والمنافرةُ لمجرَّد العادة، بل لِمَا قام بالمُلائم والمُنافِر من الصِّفات؛ ففي الخبز والماء واللَّحم والفاكهة من الصِّفات التي اقتضت ملاءمتها الإنسانَ ما ليس في التُّراب والحجر والقَصَب والعَصْف وغيرها، ومن ساوى بين الأمرين فقد كابر حِسَّه وعقله.
فهكذا ما لاءم العقولَ والفِطر من الأعمال والأحوال وما خالفها هو لِمَا