[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10)]
المحقق: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: يحيى بن عبد الله الثُّمالي - علي بن محمّد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (10) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
30]، ولم يقل: إنِّي جاعل في جنَّة المأوى، فقالت الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] ومحال أنْ يكون هذا في جنة المأوى.
وقد أخبر اللَّهُ سبحانه عن إبليس أنَّه قال لآدمَ: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) } [طه: 120].
فإن كان (1) اللَّهُ سبحانه وتعالى قد أسكنَ آدم جنة الخلد والمُلك الَّذي لا يَبْلَى، فكيف لا (2) يرد عليه ويقول له: كيف تَدُلُّني على شيءٍ أنا فيه، وقد أُعْطِيتُه، ولم يكن اللَّهُ سبحانه وتعالى قد أخبر آدم إذ أسكنه الجنَّة أنَّه فيها من الخالدين، ولو علم أنَّها دار الخلد لما ركن إلى قول إبليس، ولا مال إلى نصيحته، ولكنَّه لما كان في غير دار خلودٍ غرَّهُ بما أطمعه (3) فيه من الخُلْدِ.
قالوا: ولو كان آدم أُسْكِنَ جنة الخلد، وهي دار القُدس التي لا يسكنها إلَّا طاهرٌ مقدَّسٌ، فكيف توصَّل إليها إبليسُ الرجس النجس المذموم المَدْحُور، حتى فتن فيها آدم عليه السلام ووسوس له؟ وهذه الوسوسة: إمَّا أنْ تكون في قلبه، وإمَّا أنْ تكونَ في أُذُنِهِ، وعلى التقديرين، فكيف توصلَ الَّلعينُ إلى دخول دار المتقين.
وأيضًا؛ فبعد أنْ قيلَ له: {فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا}