فتيا في صيغة الحمد

فتيا في صيغة الحمد

948 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٧)]

تحقيق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - جديع بن جديع الجديع

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٤٣

قدمه للشاملة: مؤسسة «عطاءات العلم»، جزاهم الله خيرا

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]



مشاركة

فهرس الموضوعات

مشهور جدًا.
وثالثًا: أن ابن القيم -رحمه الله- قد حكى خلاصة هذه الفتيا في كتابه الآخر المسمى بـ "عدة الصابرين"، وما ذكره هناك يطابق رأيه تمامًا في هذه الفتيا.
قال في "عدة الصابرين": "وأما قول بعض الفقهاء: إن من حَلَف أن يحمد الله بأفضل أنواع الحمد؛ كان برُّ يمينه أن يقول: (الحمد لله، حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده)، فهذا ليس بحديثٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحدٍ من الصحابة، وإنما هو إسرائيلي عن آدم، وأصح منه: "الحمد لله غير مكفيٍّ؛ ولا مودَّعٍ، ولا مستغنى عنه ربنا".
ولا يمكن حَمْدُ العبد وشكرُه أن يوافي نعمةً من نعم الله فضلًا عن موافاته جميع نعمه، ولا يكون فِعْلُ العبد وحمدُه مكافئًا للمزيد، ولكن يُحمل على وجهٍ يصح، وهو: أن الذي يستحقه الله سبحانه من الحمدِ حمدًا يكون موافيًا لنعمه، ومكافئًا لمزيده، وإن لم يقدر العبد أن يأتي به، كما إذا قال: "الحمد لله مِلْءَ السموات، ومِلْءَ الأرض، ومِلْءَ ما بينهما، ومِلْءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، وعدد الرمال والتراب والحَصَى والقَطْر، وعددَ أنفاسِ الخلائق، وعددَ ما خلقَ اللهُ، وما هو خالقٌ"، فهذا إخبارٌ عما يستحقه من الحمد، لا عما يقع من العبد من الحمد" (1).
__________ وما ذكره ابن القيم ههنا تخريج جيد لمعنى هذه العبارة، وعليه يحمل كلام من استعملها من الأئمة كقول الإمام البيهقي رحمه الله وهو يتحدث عن =

الصفحة

15/ 23

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين، وعليه نتوكل (1) ما يقول السادة العلماء أئمة الدين (2) -رضي الله عنهم أجمعين- في رجلين تباحثا في الحديث المروي في: "الحمد لله، حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده"، فقال الآخر لقائل هذا الحديث: الربُّ سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: "لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك" (3).
فقال له راوي الحديث الأول: من لم يوافق على هذا الحديث تَيْسٌ، وحمارٌ، وجاهلٌ! فهل هذا الحديث الأول الدي رواه في "الحمد لله، حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده" في (4) الصحيح أم لا؟ ومن المصيب من الرجلين؟ وليُبْسَط القول مثابين، أفتونا مأجورين رحمكم الله.
أجاب شيخنا الإمام العالم، قدوة المحققين، عمدة المحدثين، شمس الملة والدين: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر القيم، تغمده الله برحمته (5):

الصفحة

3/ 43

مرحبًا بك !
مرحبا بك !