
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1151
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
سطرًا، وهي بخط نسخي جيد، كتبت سنة 1091، كما جاء في آخرها: "وكان الفراغ من كتابته يوم السبت في الضحى في ... شهر شعبان سنة إحدى وتسعين وألف من الهجرة النبوية، على يد أضعف العباد وأفقرهم إلى رحمة ربِّه الجواد: أحمد بن محمد الحافظ بن سليمان بن محمد المصري، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه، آمين. والحمد لله على التمام ... في البدء والأوسط والختامِ" وفي أول النسخة وآخرها ختم وقف الغازي السلطان سليم خان بن مصطفى خان من سلاطين الدولة العثمانية. ويوجد على صفحة الغلاف ختم مكتبة لاله لي بتركيا، وذكر اسم المؤلف دون عنوان الكتاب. وهذه النسخة تشبه نسخة (ظ) في مجملها، وفيها تحريفات وأخطاء في مواضع أشرنا إلى بعضها في الهوامش دون استقصاء. 7) نسخة المحمودية [1692] (= ح) توجد هذه النسخة في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة ضمن مجموعة المكتبة المحمودية، وعدد أوراقها 176 ورقة، وفي كل صفحة منها 33 سطرًا، وقد كتبت بخط نسخي دقيق. وجاء في آخرها بخط الناسخ الذي لم يذكر اسمه: "بعناية سيدي السيد الجليل العلامة عماد الإسلام أمتع الله بحياته: يحيى بن أحمد بن الحسين الشامي حفظه الله تعالى وحماه، وبلَّغه المأمول بمعانيه والعمل بما فيه، إنه سميع قريب مجيب. وصلى الله على خير خلقه وآله وسلم. وافق الفراغ من تمامه ضحى يوم الجمعة ليلة ثاني شهر جمادى الأولى أحد شهور عام سبعة وخمسين ومئة وألف 1157".
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّر وأعنْ (1)
الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون