إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

8936 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]

حققه: محمد عزير شمس

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1151

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

وكذلك موضوع الحِيل وأحكامها، فقد تكلم عليه هنا (ص 581 - 836)، وتوسَّع فيه كثيرًا في "إعلام الموقعين" (3/ 171 - 415، 4/ 1 - 117). وهو معذور في هذا البسط والتكرار، لأنه وجد لدى المتأخرين من أهل المذاهب فتح أبواب الحيل على دين الله وشرعه، واستحلال محارمه، وانتهاك حرماته، وارتكاب نواهيه، فكان من واجب البلاغ والتبصير بالدين أن يعالج المؤلف هذا المرض الفتَّاك، وتلك المخادعات التي أخرجها أناسٌ باسم دين الله وشرعه، والشرع منها براء (1). وقد ذكر المؤلف في نهاية هذا المبحث هنا (ص 835 - 836) عذره في ذلك، فقال: "لعلك تقول: قد أطلتَ الكلام في هذا الفصل جدًّا وقد كان يكفي الإشارة إليه. فيقال: بل الأمر أعظم مما ذكرنا، وهو بالإطالة أجدر، فإن بلاء الإسلام ومحنته عظمت من هاتين الفرقتين: أهل المكر والمخادعة والاحتيال في العمليات، وأهل التحريف والسفسطة والقرمطة في العلميات، وكل فساد في الدين ــ بل والدنيا ــ فمنشؤه من هاتين الطائفتين. فبالتأويل الباطل قُتِل عثمان رضي الله عنه، وعاثت الأمة في دمائها، وكفَّر بعضُها بعضًا، وتفرقت على بضع وسبعين فرقة، فجرى على الإسلام من تأويل هؤلاء وخداع هؤلاء ومكرِهم ما جرى .... ". وبحث المؤلف أيضًا مسألة الطلاق الثلاث هنا (ص 499 - 581)، وفي "زاد المعاد" (5/ 241 - 271) و"إعلام الموقعين" (3/ 41 - 62) و"الصواعق المرسلة" (2/ 619 - 628) و"تهذيب السنن" (3/ 124 - 129). 

الصفحة

18/ 47

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّر وأعنْ (1)

الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون

الصفحة

3/ 1151

مرحباً بك !
مرحبا بك !