إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

8958 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]

حققه: محمد عزير شمس

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1151

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

وهذه النسخة تامة في 342 ورقة، وفي كل صفحة منها 21 سطرًا، وهي قريبة من الأصل، ولا تختلف عنه إلَّا قليلًا، وتكمل النقص وتسدّ الفراغ الذي فيه، وتصحح بعض الأخطاء، ولكنها لا ترقى إلى مستوى الأصل في الصحة والضبط. 3) نسخة كوبريللي [704] (=ك) هي بخط محمد بن إبراهيم البشتكي، وقد كتب في آخره: "انتهى هذا الكتاب، وعلقه لنفسه الفقير إلى عفو ربه محمد بن إبراهيم بن محمد الشهير بالبشتكي غفر الله له، والحمد لله أولًا وآخرًا وباطنًا وظاهرًا، حسبنا الله ونعم الوكيل". ولم يثبت تاريخ النسخ، وبما أن الناسخ توفي سنة 830، فالأغلب أنه كتب هذه النسخة في أواخر القرن الثامن أو أوائل التاسع. وعلى هذا فلا يصح ما ذُكر في فهرس المكتبة أنها كتبت سنة 750، فإن الناسخ وُلد سنة 748، كما في مصادر ترجمته (1). وهو المعروف ببدر الدين البَشْتكي، كان أديبًا شاعرًا مشهورًا بنسخ الكتب مع الإتقان والسرعة الزائدة، بحيث كان يكتب في اليوم خمس كراريس فأكثر، وربما يتعب فيضطجع على جنبه ويكتب، وكتب بخطه من المطولات والمختصرات لنفسه ولغيره ما لا يدخل تحت الحصر كثرةً، وكان خطه مرغوبًا فيه لغلبة الصحة عليه. ولكنه يكتب بخط التعليق بسرعةٍ، فتفوته بعض الكلمات والجمل، كما يظهر بمقابلة هذه النسخة على النسخ الأخرى. 

الصفحة

35/ 47

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّر وأعنْ (1)

الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون

الصفحة

3/ 1151

مرحباً بك !
مرحبا بك !