
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1151
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
باكستان برقم [36335]. وهي أقدم نسخ الكتاب، حيث كُتِبت سنة 738 في حياة المؤلف، وجاء في آخرها بخط الناسخ: "وقد اتفق الفراغ من نسخه في يوم الأربعاء العشر الأول من شهر الله الحرام رجب المرجب سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة الهجرية. والحمد لله أولًا وآخرًا ظاهرًا وباطنًا، وصلاته تترى على سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين محمد المصطفى الأمين، وعلى جميع إخوانه من الرسل والنبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وحسبنا الله ونعم الوكيل. على يد العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة الله تعالى إبراهيم بن حاجي سليمان بن محمد بن محيي الدين غُفِر له ولوالديه". ولم أجد ترجمة الناسخ في المصادر التي رجعت إليها. والنسخة مصححة ومقابلة على الأصل كما تدلُّ عليه الدوائر المنقوطة والتصحيحات على هوامشها، وهي بخط نسخي جميل، والخطأ فيها نادر. وعدد أوراقها 177 ورقة، وفي كل صفحة منها 29 أو 30 سطرًا. وعلى صفحة الغلاف في الركن الأيسر فوق كُتِب بخط حديث: "إغاثة اللهفان". وكُتِبَ في وسط الصفحة بخط آخر: "ولبعضهم في مدح هذا الكتاب: إن شئتَ أن تنجو من الشيطانِ ... فالزَمْ كتابَ "إغاثة اللهفانِ" فيه شفاء القلبِ من أمراضهِ ... وهو الطريقُ إلى رضا الرحمن للّهِ دَرُّ بَنانِ ناظمِ عِقْدِه ... كَمْ ضمَّ فيه مِن فريدِ جُمان حِكَمٌ هي الدرُّ المصفَّى لو تَرى ... عينٌ ويسمع من له أذنان ومواعظٌ تَسْبِي القلوبَ وتسلُب الْـ ... ألبابَ في لفظٍ ولُطْفِ معان فاعكُفْ عليه إذا أردتَ سعادة الدَّ ... (م) ارينِ في فضلٍ وفي إحسان
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّر وأعنْ (1)
الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون