إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

8917 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]

حققه: محمد عزير شمس

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1151

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

كتب شيخ الإسلام المطبوعة، وانفرد بذكرها المؤلف في هذا الكتاب. كما ذكر بعض الأحداث التي عاصرها والأمور التي شاهدها، مثل قوله: "وقد كان بدمشق كثير من هذه الأنصاب، فيسَّر الله سبحانه كسرها على يد شيخ الإسلام وحزب الله الموحدين، كالعمود المخلَّق، والنُّصب الذي كان بمسجد النارنج عند المصلى يعبده الجهال، والنُّصب الذي كان تحت الطاحون الذي عند مقابر النصارى، ينتابه الناس للتبرك به، وكان صورة صنم في نهر القلّوط ينذرون له ويتبركون به، وقطع الله سبحانه النُّصب الذي كان عند الرحبة، يُسرج عنده ويتبرك به المشركون، وكان عمودًا طويلًا على رأسه حجر كالكُرة، وعند مسجد درب الحجر نُصب قد بُني عليه مسجد صغير، يعبده المشركون، يسَّر الله كسره" (ص 382، 383). وذكر ما كان يقوم به أهل السماع في زمنه في المسجد الأقصى ومسجد الخيف بمنى والمسجد الحرام، فقال: "ومن أعظم المنكرات تمكينهم من إقامة هذا الشعار الملعون هو [أي السماع] وأهلُه في المسجد الأقصى عشيَّةَ عرفة، ويقيمونه أيضًا في مسجد الخيف أيام منًى، وقد أخرجناهم منه بالضرب والنفي مرارًا. ورأيتهم يقيمونه بالمسجد الحرام نفسه والناسُ في الطواف، فاستدعيتُ حزبَ الله وفرَّقنا شَمْلَهم. ورأيتهم يقيمونه بعرفات، والناس في الدعاء والتضرع والابتهال والضجيج إلى الله، وهم في هذا السماع الملعون باليراع والدفّ والغناء" (ص 411، 412). وذكر تصنيف شيخ الإسلام ابن تيمية في ردّ المنطق كتابين فقال: "وآخر من صنَّف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، ألَّف في ردّه وإبطاله كتابين: كبيرًا وصغيرًا، بيَّن فيه تناقضه وتهافته وفساد كثير من أوضاعه" (ص 1022).

الصفحة

10/ 47

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّر وأعنْ (1)

الحمدُ لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبَهم بمشاهدِ (2) صفاتِ كماله، وتعرّف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وإفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل هو كما وصف به نفسَه وفوق ما يصفه به أحدٌ من خلقه في إكثاره وإقلاله، لا يُحصي أحدٌ ثناءً عليه، بل هو كما أثنى على نفسه على لسان مَن أكرمهم بإرساله؛ الأول الذي ليس قبله شيء، والآخِر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيءٌ، والباطن الذي ليس دونه شيء، ولا يحجُب المخلوقَ عنه تستُّرُه بسِرْباله، الحي القيوم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، المنفرد بالبقاء، وكل مخلوق مُنْتَهٍ إلى زواله، السميع الذي يسمع ضجيجَ الأصوات باختلاف اللغات على تفنُّن الحاجات، فلا يَشْغَلُه سمعٌ عن سمع، ولا تُغلّطه المسائل، ولا يتبرّم من إلحاح المُلِحّين في سؤاله، البصير الذي يرى دبيبَ النملة السوداء على الصخرة الصَّمَّاء في الليلة الظّلماء حيث كانت من سهله أو جباله، وألطفُ من ذلك رؤيته لتقلُّب قلب عبده، ومشاهدتُه لاختلاف أحواله؛ فإن أقبل إليه تلقَّاه، وإنما إقبالُ العبد عليه من إقباله، وإن أعرض عنه لم يَكِلْهُ إلى عدوِّه ولم يَدَعْهُ في إهماله، بل يكون

الصفحة

3/ 1151

مرحباً بك !
مرحبا بك !