إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان

5835 1

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (25)]

حققه: محمد عزير شمس

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1151

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فهذا الكتاب الذي نقدِّمه إلى القراء من أعظم مؤلفات الإمام ابن القيم وأجلِّها، وهو كتاب نادر في بابه، استقصى فيه المؤلف مصايد الشيطان ومكايده، ومهَّد لها بأبواب في أمراض القلوب وعلاجها. وقد كان المؤلف من أطباء القلوب البارعين، تناول هذا الموضوع في عددٍ من كتبه بأسلوبه الخاص، يعتمد فيها على نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف، ويمزجها بشيء من الشعر في المواعظ والآداب، ويُرشد الناس إلى إصلاح عقيدتهم وسلوكهم وتزكية نفوسهم، ويهديهم إلى الصراط المستقيم. وقد قمت بتحقيق الكتاب بالاعتماد على مخطوطاته القديمة التي تيسَّر الحصول عليها، وأقْدَمها تلك النسخة التي كُتبت في حياة المؤلف سنة 738، وحاولت أن أستخلص نصًّا سليمًا في ضوئها كما تركه المؤلف، وصححت كثيرًا من الأخطاء والتحريفات الموجودة في الطبعات المتداولة التي صدرت بالاعتماد على طبعة الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله، وإن ادَّعى أصحابها أنهم اعتمدوا على بعض النسخ الخطية. وفيما يلي دراسة عن الكتاب تحتوي على تحقيق عنوانه ونسبته إلى المؤلف، وتاريخ تأليفه، وموضوعاته ومباحثه، ومنهج المؤلف فيه، وبيان أهميته، وموارده، وأثره في الكتب اللاحقة، ووصف مخطوطاته، وطبعاته، ومنهجي في هذه الطبعة، وبالله التوفيق.

الصفحة

5/ 47

فصل ولا يُسْتبعدُ اصطلاح كافة هذه الأمة على المحال، واتفاقهم على أنواع من الضلال: فإن الدولة إذا انقرضت عن أمة باستيلاء غيرها عليها، وأخذها بلادها انطمست معالم دينها، واندرست آثارها. فإن الدولة إنما يكون زوالها بتتابع الغارات والمصافّات، وإخراب البلاد وإحراقها، ولا تزال هذه الأمور متواترة عليها إلى أن يعود علومها جهلاً، وعِزّها ذُلًّا، وكثرتها قلة، وكلما كانت الأمة أقدم، واختلفت عليها الدول المتناولة لها بالذُلّ والصّغار، كان حَظّها من اندراس معالم دينها وآثارها أوفر. وهذه الأمة أوفر الأمم حظًّا من هذا الأمر، لأنها من أقدم الأمم، ولكثرة الأمم التي استولت عليها: من الكشدانيين، والكلْدانيين، والبابليين، والفرس، واليونان، والنصارى، وآخر ذلك المسلمون. وما من هذه الأمم إلا من طلب استئصالهم، وبالغ في إحراق بلادهم وكتبهم، وقطع آثارهم، إلا المسلمين، فإنهم أعدل الأمم فيهم وفي غيرهم، حفظًا لوصية الله لهم، حيث يقول:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].

وصادف الإسلام هذه الأمة تحت ذِمّة الفُرس، وذمة النصارى، بحيث لم يَبْقَ [177 أ] لهم مدينة ولا جيش.

الصفحة

1149/ 1151

مرحبًا بك !
مرحبا بك !