بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

5488 5

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]

المحقق: علي بن محمّد العمران

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)

عدد الصفحات: 1667

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة المحقِّق

الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.

ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.

يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"

الصفحة

5/ 98

فالجواب عنه أن يقال: لما كان الإنسان لا سبيل له إلى انتفاعه بالحياة إلا بثلاثة أشياء: أحدها: سلامته من الشر، ومن كل ما يضاد حياته وعيشه. والثاني: حصولُ الخير له. والثالث: دوامه وثباته له. فإن بهذه الثلاثة يكمل انتفاعُه بالحياة، فشُرِعَت التحية متضمنة للثلاثة، فقوله: "سلام عليكم" يتضمن السلامة من الشر، وقوله: "ورَحْمَةُ الله" يتضمن حصول الخير. وقوله: "وبركاته" يتضمن دوامه وثباته كما هو موضوع لفظ البركة، وهو كثرة الخير واستمراره. ومن هاهنا يعلم حكمة اقتران اسمه الغفور -تبارك وتعالى- باسمه الرحيم في عامة القرآن. ولما كانت هذه الثلاثة مطلوبة لكل أحد، بل هي متضمنة لكل مطالبه، وكلّ المطالب دونها وسائل إليها وأسباب لتحصيلها؛ جاءَ لفظ التحية دالاً عليها بالمطابقة تارة، وهو "كمالها"، وتارة دالاً عليها بالتضمن، وتارة دالاً عليها باللزوم، فدلالة اللفظ عليها مطابقة إذا ذُكِرَت بلفظها، ودلالته عليها بالتضمُّن إذا ذُكِر السلام والرحمة فإنهما يتضمنان الثالث، ودلالته عليها باللزوم إذا اقتصر على لفظ السلام وحدَه، فإنه يستلزم حصول الخير وثباته؛ إذ لو عُدِم لم تحصل (ظ / 122 ب) السلامة المطلقة، فالسلامة مستلزمة لحصول الرحمة كما تقدم تقريره. وقد عوف بهذا فضلُ هذه التحية وكمالُها على سائر تحيات الأمم، ولهذا اختارها الله لعباده وجعلَها تحيتهم بينهم في الدنيا وفي دار السلام. وقد بانَ لك أنها من محاسن الإسلام وكماله، فإذا كان

الصفحة

669/ 1667

مرحبًا بك !
مرحبا بك !