بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

14458 9

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]

المحقق: علي بن محمّد العمران

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)

عدد الصفحات: 1667

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة المحقِّق

الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.

ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.

يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"

الصفحة

5/ 98

أمرًا بما لا يطاق؟ والصواب: أن عَدَمَ مشيئة الرَّبِّ له لا يخرجه عن كونه ممكنًا في نفسه، كما أنَّ عدم مشيئته لما هو قادرٌ عليه من أفعاله لا يخرجه عن كونه مقدورًا له، وإنما يخرج الفعل عن الإمكان إذا كان بحيث لو أراده الفاعل لم يمكنه فعله، وأما امتناعه لعدم مشيئته فلا يخرجه عن كونه مقدورًا (1) ويجعله محالًا.

فإن قيل: هو موقوفٌ على مشيئة الله، وهي غير مقدورةٍ للعبد، والموقوف على غير المقدور غير مقدور.

قيل: إنما يكون غير مقدور إذا كان بحيث لو أراده العبد لم يقدر عليه، فيكون عدم وقوعه لعدم قدرة العبد (2) عليه، فأما إذا كان عدم وقوعه لعدم مشيئته له، فهذا لا يخرجه عن كونه مقدورًا له، وإن كانت مشيئته موقوفةً على مشيئة الرَّبِّ (ظ / 264 ب) (ق / 383 ب) تعالى، كما أن عدم وقوع الفعل من الله لعدم مشيئته له، لا يخرجه عن كونه مقدورًا له، وإن كانت مشيئته تعالى موقوفةً على غيرها من صفاته كعلمه وحكمته.

فالنزاع في هذا الأصل يتنوَّع إلى النَّظر إلى المأمور به، وإلى النظر إلى جواز الأمر به ووقوعه، ومن جعل القسمين واحدًا، وادَّعى جواز الأمر به مطلقًا لوقوع بعض الأقسام التي يظنُّها مما لا يُطاقُ، وقاس عليها النوع الذي اتَّفق الناس على أنه لا يطاق، وأن وقوع ذلك النوع يستلزم لوقوع القسم المتَّفق على أنه لا يطاق، أو على جوازه = فقد أخطأ خطأً بيِّنًا (3)، فإن من قاس الصحيح المتمكِّن من

الصفحة

1614/ 1667

مرحبًا بك !
مرحبا بك !