بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

21292 9

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]

المحقق: علي بن محمّد العمران

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)

عدد الصفحات: 1667

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة المحقِّق

الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.

ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.

يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"

الصفحة

5/ 98

فصل

* ومِنْ ذلك قولُه تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)} [البقرة: 142].

هذا سؤالٌ من السفهاءِ أوردوه على المؤمنينَ، ومضمونهُ: أن القبلةَ الأولى إن كانت حقًا فقد تركتُمُ الحَقَّ, وإن كانت باطلاً فقد كنتم. على باطلٍ، ولفظُ الآية وإن لم يَدُلَّ على هذا, فالسُّفهاءُ المجادلون في القِبْلةِ قالوه.

فأجاب اللهُ تعالى عنه بجواب شافٍ بعد أن ذكر قَبْلَه مقدِّماتِ تقرِّرُهُ وتوضِّحُهُ، والسؤالُ من جهةِ الكفَّار أوردوه على صُوَر متعدِّدة، ترجعُ إلى شىِء واحدٍ، فقالوا ما تَقَدَّمَ، وقالوا: لو كان (1) نبيًّا (2) ما تركَ قِبْلَةَ الأنبياءِ قَبْلَهُ.

وقالوا: "لو كان نبيًّا ما كان يفعلُ اليوم شيئًا وغدًا خلافه".

وقال المشركون: "قد رَجَعَ إلى قبلتِكم فيوشِكُ أن يرجِعَ إلى دينكم".

وقال أهل الكتاب: "لو كان نَبيًّا ما فارقَ قِبْلَةَ الأنبياءِ"، وكثر الكلام وعظُمتِ المحْنَةُ على بعض الناسِ، كما قال تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة: 143].

وتأملِ حكمةَ العزيز الحكيم، ولطفَه وإرشادَه في هذه القصَّة،

الصفحة

1582/ 1667

مرحباً بك !
مرحبا بك !