بدائع الفوائد

بدائع الفوائد

16858 9

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (1)]

المحقق: علي بن محمّد العمران

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير (جـ 1 - 5)، محمد أجمل الإصلاحي (جـ 1 - 2)، جديع بن محمد الجديع (جـ 1 - 5)

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 5 (4 في ترقيم واحد متسلسل، والأخير فهارس)

عدد الصفحات: 1667

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

مقدمة المحقِّق

الحمد لله واهب الحمد ومُسْديه، وصلاةً وسلامًا على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فإن أغراض التأليف وألوانه لا تقف عند حدّ (1)، وهمم العلماء في ذلك لا تنقطع إلا بانقطاع العلم؛ وذلك لكثرة المطالب الباعثة عليه، وسعة المباغي الداعية إليه.

ومن جملة تلك المطالب التي ألِفَ العلماءُ الكتابةَ فيها: تقييدُ بها يمرُّ بهم من الفوائد، والشوارد، والبدائع؛ من نصٍّ عزيز، أو نقلٍ غريب، أو استدلالٍ محرَّر، أو ترتيبٍ مُبتكر، أو استنباطٍ دقيق، أو إشارةٍ لطيفة = يُقيِّدون تلك الفوائد وقتَ ارتياضهم في خزائن العلم ودواوين الإسلام، أو مما سمعوه من أفواه الشيوخ أو عند مناظرة الأقران، أو بما تُمليه خواطرهم وينقدح في الأذهان.

يجمعون تلك المقيَّدات في دواوين، لهم في تسميتها مسالك، فتُسَمَّى بـ "الفوائد" أو "التذكرة" أو "الزنبيل" أو "الكنَّاش" أو "المخلاة"

الصفحة

5/ 98

فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)} [يس: 41، 42] وأصحُّ القولين (1) أن المثلَ المخلوقَ هنا هو السفن، وقد أخبر أنها مخلوقة له (2)، وهي إنما صارت سُفنًا بأعمال العباد. وأَبْعَدَ من قال: إن المثلَ هاهنا هو سفن البرِّ، وهي الإبل لوجهين:

أحدهما: أنها لا تُسَمَّى مثلًا للسفن؛ لا لغةً ولا حقيقةً، فإن المَثَلَين: ما سدَّ أحدُهما مسدَّ الآخر، وحقيقة المماثلة: أن يكون بين فُلْك وفُلْك لا بين جَمَل وفُلْك.

الثاني: أَنَّ قوله تعالى: {وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ} [يس: 43] عَقِب ذلك دليلٌ على أن المراد الفلك التي إذا (3) ركبوها قَدَرنا على إغراقهم، فذَكَّوهم بنِعَمِه عليهم من (4) وجهين. أحدهما: ركوبهم إياها، والثاني: أن يُسَلِّمهم عند (ظ/ 45 ب) ركوبها من الغرق.

ونظير هذا الاستدلال -أيضًا- قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ (ق/61 ب) ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} [النحل: 81] والسرابيل هي: الثياب التي يلبسونها، وهي مصنوعة لهم، وقد أخبر بأنه سبحانه هو جاعلها، وإنما صارت سرابيل بعملهم، ونظيره قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} [النحل: 80] والبيوت التي من جلود الأنعامِ هي: الخيام، وإنما صارت بيوتًا بعملهم.

الصفحة

269/ 1667

مرحباً بك !
مرحبا بك !