التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

7483 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

فأعطيت ما اقتضته لفظًا، واقتضى ما تضمَّنته من الفعل ذكر الحرف والموصول، فأعطيته معنىً. فهذا وجه هذا القول لفظًا ومعنىً، والله أعلم.

ثُمَّ أخبر - سبحانه - عن حال هذا الإنسان إذا شاهد اليوم الذي كذَّبَ به، فقال تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)} [القيامة: 7 - 10]، فيبرق بصره، أي: يَشْخَص لما يشاهده من العجائب التي كان يكذِّب بها. و"خَسَفَ القمر": ذهب ضوؤه وانْمَحَى، وجُمِعَ الشمسُ والقمرُ ولم يجتمعا قبل ذلك، بل يجمعهما الذي يجمع عظام الإنسان بعدما فرَّقَها البِلَى ومزَّقَها، ويَجْمَعُ للإنسان يومئذٍ جميع عمله الذي قدَّمه وأخَّره من خَيرٍ أو شرٍّ. ويَجْمَعُ ذلك من جَمَعَ القرآنَ في صدر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويجمع المؤمنين في دار الكرامة، فيكرِمُ وجوهَهم بالنظر إليه، ويجمع المكذِّبين في دار الهَوَان، وهو قادِرٌ على ذلك كلِّه؛ كما جمع خلق الإنسان من نطفةٍ من مَنِيٍّ يُمْنَى، ثُمَّ جعله عَلَقَةً مجتمعة الأجزاء بعدما كانت نطفةً متفرِّقةً في جميع بدن الإنسان، وكما يجمع بين الإنسان ومَلَك الموت، ويجمع بين السَّاق والسَّاق؛ إمَّا سَاقَا الميت، وإمَّا سَاقَا من يُجهِّزُ بدنه من البشر، ومن يُجهِّزُ روحه من الملائكة، أو يجمع عليه شدائد الدنيا والآخرة.

فكيف ينكر هذا الإنسانُ أن يُجْمَعَ بينه وبين عمله وجزائه، وأن يُجْمَعَ مع بني جنسه ليوم الجَمْع، وأن يُجْمَعَ عليه بين أمر الله ونهيه وعبوديته، فلا يترك سُدَىً مُهْمَلًا مُعَطَّلًا، لا يُؤْمَرُ ولا يُنْهَى، ولا يُثاب ولا يُعَاقَب، فلا يُجْمَعُ عليه ذلك؟!

الصفحة

236/ 653

مرحباً بك !
مرحبا بك !