[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والليل آيةٌ، وما حَوَاهُ آيةٌ، والهلَالُ آيةٌ، وتزايده كلَّ ليلةٍ آيةٌ، واتِّساقُهُ - وهو امْتِلَاؤُه نُورًا - آيةٌ، ثُمَّ أَخْذُهُ في النقص آيةٌ. وهذه وأمثالُها آياتٌ دالَّةٌ على ربوبيته، مستلزِمَةٌ للعلم بصفات كماله.
ولهذا شُرِعَ عند إقبال الليل وإدبار النَّهار ذِكْرُ الرَّبِّ - تعالى - بصلاة المغرب، وفي الحديث: "اللهُمَّ هذا إقْبالُ لَيْلِكَ، وإدبارُ نَهَارِكَ، وأصْوَاتُ دُعَاتِك، وحضورُ صَلَوَاتِك" (1) . كما شُرِعَ ذكر الله بصلاة الفجر عند إدبار الليل وإقبال النَّهار.
ولهذا يُقْسِمُ - سبحانه - بهذين الوقتين كقوله - عزَّ وجلَّ -: {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) } [المدثر: 33, 34]، وهو يقابل إقْسَامه بـ "الشَّفَق"، ونظير إقْسَامِه بالليل {إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) } [التكوير: 17, 18].
ولمَّا كان الرَّبُّ - تبارك وتعالى - يُحْدِثُ عند كلِّ واحدٍ من طَرَفَي إقبال الليل والنَّهار وإدبارِهِما ما يُحْدِثُهُ، ويَبُثُّ من خلقه ما شاء، فينشر