التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

7377 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

جميعها، من طعامه، وشرابه، ولباسه، ومسكنه، ومَنْكَحِهِ، وهُرُوبِهِ ممَّا يُضَاد بقاءه، وينافي مصالحه، أم يجد نفسه غير منفكَّةٍ أَلْبتَّةَ عن قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اعمَلُوا فكُلٌّ ميسَّرٌ لمَا خُلِقَ له"؟! فإذا كان هذا في مصالحِ الدنيا، وأسباب منافعها، فما المُوجِبُ لتعطيله في مصالح الآخرة، وأسبابِ السَّعَادةَ والفلاح؛ ورَبُّ الدنيا والآخرة واحدٌ؟! فكيف يُعطَّلُ ذلك في شرع الرَّبِّ وأمرِه ونهيه، ويُستَعْمَلُ في إرادةِ العبد، وأغراضِه، وشهواته؟ وهل هذا إلا مَحْضُ الظلم والجهل، والإنسان ظلومٌ جَهُولٌ، ظلومٌ لنفسه، جهولٌ بربِّه.

فهذا الذي أرشد إليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وتلا عنده هاتين الآيتين، موافقٌ لما جعله اللهُ في عقول العقلاء، وركَّب عليه فِطَرَ الخلائق حتَّى الحيوان البهيم، وأرسل به جميع رسله، وأنزل به جميع (1) كتبه.

ولو اتَّكَلَ العبدُ على القَدَر ولم يعمل لتعطَّلت الشرائع، وتعطَّلت مصالح العالم، وفسد أمر الدنيا والدَّين، وإنَّما يَسْتَرْوِحُ إلى ذلك مُعَطِّلُو الشرائع، ومن خَلَعَ رِبْقَةَ (2) الأوامر والنواهي من عنقه، وذلك ميراثٌ من إخوانهم المشركين الذين دفعوا أمرَ اللهِ ونَهْيَهُ، وعارَضوا شرعَهُ بقضائه وقَدَرِهِ، كما حكى اللهُ - سبحانه - ذلك عنهم في غير موضع من كتابه؛ كقوله تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} الآية وما بعدها [الأنعام: 148].

وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ

الصفحة

101/ 653

مرحباً بك !
مرحبا بك !