
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الجزء لو حصل في "الكبد" لم يُؤْمَن احتراقُهُ (1) وفساده، فلا ينتفع به "القلب"، ثُمَّ يأخذ منها عند شدَّة الحاجة وصدق المجاعة، فيتعجَّل ذلك من أدنى المواضع.
وكذلك يُشَاهد من أكل مِن مَسْغَبةٍ شديدةٍ يحسُّ بزيادةٍ ونماءٍ في كلِّ أعضائه، حتَّى ما يمرُّ الطعامُ بـ "المعدة" إلا وقد أخذت الأعضاءُ حاجتها منه (2) قبل استقراره فيها؛ فسبحان مَنْ أتقنَ ما صَنَع.
ولمَّا كانت "المعدةُ" آلةَ هَضْم الغذاء، و"الأمعاءُ" آلةَ دفعه: جُعل "للأمعاء" طبقتان (3)، ليقوَى دفعُها بهما جميعًا، وليكون ذلك حرزًا لها وحفظًا. وكذلك مَنْ تعرض له قُرْحَةٌ في "الأمعاء" بانجرادٍ (4) في أحد الصِّفَاقَين يبقى الآخر سليمًا. وجعلت "الأمعاء" الغِلَاظُ لقذف الثُّفْلِ، والدِّقَاقُ لتأدية الغذاء.
والسبب في أن صار (5) الإنسان لا يحتاج إلى تناول الغذاء دائمًا: كثرة لفائف أمعائه.
والسبب المانع من قذف الفُضُول دائمًا: سَعَة "الأمعاء" الغِلَاظ التي تقوم له مقام وعاءٍ آخر، شبيهٍ بـ "المعدة" في السَّعَة، كما أنَّ "المثانة" وعاءٌ للبول كذلك.