
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأعظم ما يفترسه الشيطانُ عند غضبه وشهوته.
فإذا كان حِرْصُهُ على ما ينفعه، وحَسَدُهُ منافسةً في الخير، وغضَبُهُ لله وعلى أعدائه، وشهوتُهُ مُستعمَلَةً فيما أبيح له = كان ذلك (1) عونًا له على ما أُمِر به، ولم تضرَّهُ هذه الأربعة؛ بل ينتفع بها أعظم الانتفاع.
فصل
وإذا تأمَّلْتَ حال "القلب" مع المَلَكِ والشيطانِ رأيتَ أعجب العجائب، فهذا يُلِمُّ به مرَّةً، وهذا يُلِمُّ به مرَّةً، فإذا أَلَمَّ به المَلَكُ حدَثَ من لَمَّتِه الانفساحُ، والانشراحُ، والنُّورُ، والرَّحمةُ، والإخلاصُ، والإنابةُ، ومحبَّةُ الله، وإيثارُه على ما سواه، وقِصَرُ الأَمَلِ، والتَّجَافِي عن دار البلاء والامتحان والغرور، فلو دامت له تلك الحالة لكان في أَهْنَأ عَيشٍ وأَلَذِّهِ وأَطْيَبِهِ.
ولكن تأتيه لَمَّةُ الشيطان، فتُحْدِثُ له من الضِّيقِ، والظُّلْمةِ، والهَمِّ، والغَمِّ، والخوفِ، والسَّخَطِ على المقدور، والشَّكِّ (2) في الحقِّ، والحرص على الدنيا وعاجِلِها، والغفلةِ عن الله = ما هو من أعظم عذاب "القلب" (3).