
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تعطَّلَت، أو عَرَضَ لها عارضٌ، فيُنْتَقَلُ إلى الآلة الأخرى. وأيضًا لو كان العمل على جانبٍ واحدٍ دائمًا لأَوْشَكَ أن يتعطَّلَ أو يَضْعُفَ.
وتأمَّلْ كيف أَنْبَتَها - سبحانه - من نفس اللَّحم، وتخرج من خلاله نابتةً كما ينبت الزرع في الأرض، ولم يَكْسُها - سبحانه - لحمًا كما كَسَا سائر العظام سواها، إذ لو كَسَاها اللَّحمَ لتعطَّلَت المنفعة المقصودة بها.
ولَمَّا كانت العظامُ محتاجةً إلى لحمٍ يكسوها ويحفظها، ويتلقَّى (1) عنها الحَرَّ والبردَ، ويحفَظَ عليها رطوبتها = لم تكمل مصلحة الحيوان إلا بهذه الكسوة. ولمَّا كانت عظامُ "الأسنان" محتاجةً (2) إلى ذلك من وجهٍ، مستغنيةً عنه من وجهٍ = جَعَلَ كسوتها منفصلةً عنها، وجُعِلَتْ هي المُكْتَسية العارية؛ لتمام المنفعة بذلك.
ولمَّا كانت آلة القطع والكسر والطَّحْن لم (3) تنشأ مع الطِّفْل من أوَّل نشأته كسائر عظامه؛ لعدم حاجته إليها؛ فهو معطَّلٌ (4) عنها وقت استغنائه عنها بالرَّضَاع، وأُعطِيَها وقتَ الحاجه إليها.
وفيه حكمةٌ أخرى، وهي أنَّه لو نشأت معه من حين يُولد لأَضَرَّ ذلك بحَلَمَة الثَّدْي؛ إذ لا عقل له يحجُزُهُ عن عَضِّها، فكانت الأُمُّ تمتنع من رضاعه.
ومن عجيب أمرها الاتفاقُ والمُوَالَاةُ التي بينها وبين "المعدة"،