
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والعَرْبَدَةَ. ونَفَى بـ "التأثيم" جميع الصفات المذمومة التي أثَّمَتْ شارب الخمر.
وقال سبحانه: {وَلَا تَأْثِيمٌ (23)} ولم يَقُل: ولا إثْم، أي: ليس فيها ما يحملهم على الإثم، ولا يُؤَثِّم بعضُهم بعضًا بشربها، ولا يُؤَثِّمُهم اللهُ بذلك، ولا الملائكةُ، فلا يَلْغُون، ولا يأثمون.
قال ابن قتيبة: "لا تذهب بعقولهم فيلغُوا، ولم يقع منهم ما يُؤَثِّمُهم" (1).
ثُمَّ وصَفَ خدمَهم الطائفين عليهم بأنَّهم كاللؤلؤ في بياضهم. و"المكْنُون": المَصُون الذي لا تدنِّسُه الأيدي، فلم تُذْهِب الخدمةُ تلك المحاسِنَ، وذلك اللَّونَ والصفاءَ والبهجةَ، بل مع انتصابهم لخدمتهم كأنَّهم لؤلؤٌ مكنونٌ.
ووصفهم في موضعٍ آخر (2) بأنَّ رائيهم يحسبهم لؤلؤًا منثورًا؛ ففي ذكره "المنثورَ" إشارةٌ إلى تفرُّقِهم في حوائج ساداتهم، وخدمتهم، وذهابهم، ومجيئهم، وسَعَة المكان، بحيث لا يحتاجون أن يَنْضَمَّ بعضُهم إلى بعضٍ فيه لضيقه.
ثُمَّ ذكر - سبحانه - ما يتحدَّثون به هناك، وأنَّهم يقولون: {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26)} [الطور: 26] أي: كُنَّا خائفين في مَحَلِّ الأمن (3) بين الأهل والأقارب والعشائر، فأوصلنا ذلك الخوف