التبيان في أيمان القرآن

التبيان في أيمان القرآن

6081 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]

المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: ٦٥٣

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بكر بن عبد الله أبو زيد

دار عطاءات العلم

دار ابن حزم

الصفحة

1/ 78

فصل

فلمَّا أقام عليهم الحُجَّة وقطع المعذرة قال تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)} [المعارج: 42]، وهذا تهديدٌ شديدٌ يتضمَّنُ: اتْرُكْ هؤلاء الذين قامت عليهم حُجَّتِي فلم يقبلوها، ولم يخافوا بَأْسِي، ولا صَدَّقُوا رسالاتي في خوضهم بالباطل ولعبهم، فالخوضُ بالباطل (1) ضِدُّ التكلُّمِ بالحقِّ، واللَّعِبُ ضِدُّ السَّعْي الذي يعود نَفْعُهُ على ساعيه. فالأوَّلُ ضدُّ العلمِ النَّافع، والثاني ضِدُّ العملِ الصالح؛ فلا تَكَلُّمَ بالحقِّ، ولا عَمَلَ بالصواب. وهذا شأنُ كلِّ من أعرض عمَّا جاء به الرسولُ، لا بدَّ له من هذين الأمرين.

ثُمَّ ذكر - سبحانه - حالهم عند خروجهم من القبور، فقال: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)} [المعارج: 43]، أي: يُسْرِعُون.

و"النُّصُب": العَلَمُ والغَايَةُ التي تُنْصَبُ فَيَؤُمُّونَها (2).

وهذا من أَلْطَفِ التشبيه، وأَبْلَغِهِ (3)، وأبينه (4)، وأحسنه؛ فإنَّ النَّاس يقومون من قبورهم مُهْطِعِين إلى الداعي، يَؤُمُّونَ الصوت، لا يُعرِّجُون عنه يَمْنةً ولا يَسْرَةً كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ} [طه: 108] أي (5): يُقْبِلُونَ من كُلِّ أَوْبٍ إلى صوته وناحيته، لا

الصفحة

295/ 653

مرحباً بك !
مرحبا بك !