
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
مكذِّبًا أو مكذَّبًا، وإنَّما معناه نسبتُهُ إلى الكذب، فالمعنى على هذا: فمَنْ يجعلك بَعْدُ (1) كاذبًا بالدِّين (2) .
وهذا إنِّما يتَعدَّى إليه بـ "الباء" الفعلُ المُضَاعَفُ لا الثلاثي، فلا يقال: كَذَبَ بكذا، وإنَّما يقال: كذَّبَ به.
وجواب هذا الإشكال أنَّ قوله: كذَّبَ بكذا؛ معناه: كذَّبَ المُخْبَر به، ثُمَّ حذفوا المفعول لظهور العلم به، حتَّى كأنَّه نِسْيٌ مَنْسِيٌّ، وعَدَّوا الفعل (3) إلى المُخْبِر به (4) ، فإذا قيل: مَنْ يكذِّبك بكذا؟ فهو بمعنى: كذَّبُوك بكذا - سواء -، أي (5) : نسبوك إلى الكذب في الإخبار به.
بل الإشكال في قول مجاهد والجمهور، فإنَّ الخطاب إذا كان للإنسان، وهو المكذِّب - أي: فاعل التكذيب - فكيف يقال له: ما يكذِّبك؟ أي: يجعلك مكذِّبًا، والمعروفُ "كذَّبَهُ": إذا جعله كاذبًا لا مكذِّبًا، مثل "فسَّقَه": إذا جعله فاسقًا، لا مفسِّقًا لغيره.
وجواب هذا الإشكال: أنَّ "صدَّقَ" و"كذَّبَ" - بالتشديد - يراد به معنيان:
أحدهما: النِّسبة؛ وهي إنَّما تكون للمفعول كما ذكرتم.
والثاني: الداعي والحامل على ذلك، وهو يكون للفاعل.