[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ولقد كَفَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بهذا الإجمال عن هذا التفصيل، وهذا يقتضي أنَّ اجتماع خَلْقه وقع في الأربعين الأُولَى، ولا ينافي هذا قوله: "ثُمَّ يكون عَلَقَةً مثل ذلك"، فإنَّه يكون "عَلَقةً" - وهي القطعة من "الدَّم" - قد جُمع فيها خلقُها جمعًا خَفِيًّا (1) ، وذلك الخَلْق في ظهور خَفِيٍّ على التدريج، ثُمَّ يكون "مُضْغَةً" أربعين يومًا أخرى، وذلك التخليق يتزايد شيئًا فشيئًا إلى أن يظهر للحِسِّ ظهورًا لا خفاء به كلِّه، و"الرُّوح" لم تتعلَّق به بعد، فإنَّها إنَّما تتعلَّق به في الأربعين الرابعة بعد مائةٍ وعشرين يومًا، كما أخبر به الصادق المصدوق، وذلك ممَّا لا سبيل إلى معرفته إلا بالوحي، إذ ليس في الطبيعة ما يقتضيه، فلذلك حَارَ فُضَلاءُ الأطبَّاء وأذكياءُ الفلاسفة في ذلك، وقالوا: إنَّ هذا ممَّا لا سبيل إلى معرفته إلا بحسب الظنِّ البعيد (2) .
قال مَنْ وقَفَ على نهايات كلامهم في ذلك، ودَأَبَ فيه حتَّى مَلَّ (3) وكَلَّ، وهو صاحب "الطِّبِّ الكبير" (4) ، فذكر مناسباتٍ خياليةٍ ثُمَّ قال: "وحقيقة العلم فيه عند الله تعالى، لا مطمع لأحدٍ من الخلق في الوقوف