[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
شيءٍ وأحسنَهُ منظرًا، وأتمَّهُ خَلْقًا، وأبدَعَهُ صورةً.
فقال الرَّبُّ - تعالى - لجميع ملائكته: "اسجُدوا له"، فبادروا بالسجود؛ طاعةً لأمر الواحد المعبود، وتعظيمًا له. ثُمَّ قيل لهم: لَنَا في هذه القبضة من التراب سِرٌّ أبدَع ممَّا تَرَون، وجمالُ باطِنٍ أحسنُ ممَّا تُبصرون. فَلَنُزَيِّنَنَّ باطِنَهُ بأحسنَ من زينة ظاهره، ولنَجْعَلنَّهُ من أعظم آياتنا، نُعَلِّمُه أسماءَ كُلِّ شيءٍ ممَّا (1) لم تحسنه الملائكة.
فكان التعليمُ زينةَ الباطن وجماله، وذلك التصويرُ زينة الظاهر، فجاءَ أكمَلَ شيءٍ وأجمَلَهُ صورةً ومعنىً، وذلك كلُّه صُنْعُه - تبارك وتعالى - في قبضةٍ من تراب.
ثُمَّ اشتقَّ منه صورةً هي مثله في الحُسْن والجمال، ليَسْكُن إليها، وتَقَرَّ نفسُه بها، وليُخْرِجَ من بينهما من لا يُحصَى عدَدُهُ من الرجال