
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (١٤)]
المحقق: عبد الله بن سالم البطاطي
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: ٦٥٣
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الإحْلِيل بعد خروجه، ولا تلازم بينهما، حتَى يُجْعَلَ أحدُهما دليلًا على إمكان الآخر، بخلاف الارتباط الذي بين المبدأ والمعاد، والخَلْقِ الأوَّلِ والخَلْقِ الثاني، والنَّشْأَةِ الأُولَى والنَّشْأةِ الثانية؛ فإنَّه ارتباطٌ من وجوهٍ عديدةٍ، ويلزم من إمكانِ أحدِهما إمكانُ الآخر، ومن وقوعِه صحةُ وقوعِ الآخر، فَحَسُن الاستدلال بأحدهما على الآخر.
العاشر: أنَّه - سبحانه - نَبَّهَ بقوله: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} على أنَّه قد وكَّلَ به من يحفظ عليه عَمَلَهُ ويحصيه، فلا يضيع منه شيءٌ. ثُمَّ نَبَّهَ بقوله - عزَّ وجلَّ -: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8)} على بعثه لجزائه على العمل الذي حُفِظَ وأُحْصِيَ عليه.
فذكر شأنَ مبدأ عملِه ونهايتِه، فمبدَؤُهُ محفوظٌ عليه، ونهايته الجزاء عليه، ونبَّهَ على هذا بقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9)} أي: تختبر السرائر (1).
وقال مقاتل: "تظهر وتبدو" السرائر: يوم تختبر السرائر، كل سريرةٍ من الذنوب عَمِلَها ابنُ آدم"." data-margin="2">(2).
وبَلَوْتَ الشيءَ: إذا اختبرتَهُ ليظهر لك باطِنُه، وما خَفِيَ منه.
و"السرائر": جمع سَرِيرة، وهي سرائر الله التي بينه وبين عبده في ظاهره وباطنه. فالإيمان من السرائر، وشرائعه من السرائر، فتُخْتَبر ذلك