
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أيضًا من التصحيف والسقط، وترك الناسخ نصف وجه الورقة الخامسة والتسعين بياضًا، وكتب: «أظنه بياض صحيح». ثم ترك ظهرها كله بياضًا، وكتب: «أظنه بياض صحيح». وعلى النسخة حواش كثيرة، بعضها شرح لكلمات غريبة، وبعضها عناوين لبعض الموضوعات، ولم نشر إليها في التعليقات لقلة جدواها. وقد رمزت لهذه النسخة بحرف «ب». فقد ظهر من هذا الوصف أن نسخة حلب أتم النسختين؛ فقد تفردت بنحو ثلثي القدر الموجود من الكتاب، لكنها للأسف كثيرة التصحيف، وأن نسخة برلين أوثق النسختين، وقد سدت نقص نسخة حلب في مواضع، بل لقد تفردت بفصول بأكملها، سقطت من نسخة حلب، وأنها لم تسلم كذلك من تصحيف وسقط، لذلك راجعت نسخ «مختصر الصواعق»، واخترت أوثقها فجعلتها نسخة مساعدة في ضبط الكتاب، وهذا وصفها: وصف نسخة «مختصر الصواعق»: نسخة محفوظة في مكتبة دار العلوم لندوة العلماء في لكنو بالهند. تقع في 260 ورقة، مسطرتها 23 سطرًا، متوسط عدد الكلمات في السطر خمس عشرة كلمة. عنوانها: «مختصر كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام العالم العلَّامة مفتي المسلمين الشيخ شمس الدِّين أبي عبد الله محمد بن الشيخ الإمام العالم أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية قدس الله روحه ونور ضريحه».
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،