الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

17238 2

[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]

تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان

تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1143

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

تمكنه من اللغة، وهو يقول (ص 572 - 573): «إن هؤلاء المعارضين للكتاب والسُّنَّة بعقلياتهم ـ التي هي في الحقيقة جهليات ـ إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوالٍ مشتبهةٍ مجملةٍ تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ يوجب تناولها بحقٍّ وباطلٍ، فبما فيها من الحقِّ يقبل من لم يُحِط بها علمًا ما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس، ثم يُعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء. وهذا منشأ ضلال من ضلَّ من الأمم قبلنا. وهو منشأ البدع كلها». ومن أمثلة ذلك: قوله (ص 583 - 584): «لفظ الجسم لم ينطق به الوحي إثباتًا، فتكون له حرمة الإثبات، ولا نفيًا، فيكون له إلغاء النفي، فمن أطلقه نفيًا أو إثباتًا سُئل عمَّا أراد به». ثم بين ما يحتمله لفظه من المعاني الصحيحة والباطلة. وقوله (ص 589): «إن التركيب يُطلق ويُراد به خمسة معانٍ». ثم بيَّنها. وقوله (ص 575): «التوحيد اسم لستة معانٍ: توحيد الفلاسفة، وتوحيد الجهمية، وتوحيد القدرية الجبرية، وتوحيد الاتحادية؛ فهذه الأربعة أنواعٍ من التوحيد جاءت الرسل بإبطالها، ودلَّ على بطلانها العقل والنقل». ثم أفاض في بيان بطلانها. - وألزم ابن القيِّم المخالفين إلزامات في غاية القوة، منها: قوله (ص 619): «أمَّا الفلاسفة فأثبتوا وجود الصَّانع بطريق التركيب، وهو أن الأجسام مركبة، والمركب يفتقر إلى أجزائه، وكل مفتقرٍ ممكنٌ، والممكن لا بد له من وجود واجبٍ، وتستحيل الكثرة في ذات الواجب بوجهٍ من الوجوه؛ إذ يلزم تركيبه وافتقاره، وذلك ينافي وجوبه. وهذا هو غاية

الصفحة

34/ 78

بسم الله الرحمن الرحيم

ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،

الصفحة

3/ 1143

مرحباً بك !
مرحبا بك !