الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

17255 2

[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]

تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان

تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد

راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات: 1143

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

فهلَّا أقرَّ النصوص على ما هي عليه، ولم ينتهك حُرمتَها؛ إذ كان التأويل لا يُخرِجه ممَّا فرَّ منه، فإن المتأول إمَّا أن يذكر معنًى ثبوتيًّا، أو يتأوَّل اللفظ بما هو عدمٌ محضٌ، فإنْ تأوَّله بمعنى ثبوتي كائنًا ما كان لزمه فيه نظيرُ ما فرَّ منه. فهو في تأويله بين التعطيل والتشبيه مع جِنايته على النَّص وانتهاكه حُرمته، فهلَّا عظَّم قَدْره، وحفظ حرمتَه، وأقرّه وأمرّه مع نفي التشبيه والتخلص من التعطيل! الفصل الثامن: في بيان خطئهم في فهمهم من النصوص المعانيَ الباطلةَ التي تأوَّلوها لأجلها فجمعوا بين التشبيه والتعطيل. هذا الفصل في الكشف عن عجيب أمر المتأوِّلين، فإنهم فهموا من النصوص الباطلَ الذي لا يجوز إرادتُه، ثم أخرجوها عن معناها الحقِّ المراد منها، فأساؤوا الظنَّ بها وبالمتكلِّم بها، وعطَّلوها عن حقائقها التي هي عين كمال الموصوف بها. فانظر إلى أقبح التشبيه والتمثيل الذي ادَّعوا أنه ظاهر النصوص، وإلى التعطيل الذي سطَوْا به عليها وسمَّوْه تأويلًا! فصحَّ أنهم جمعوا بين فَهْم التشبيه منها، واعتقاد التعطيل، ونسبة قائلها إلى قصد ما يضاد البيان والإرشاد. الفصل التاسع: في الوظائف الواجبة على المتأوِّل التي لا يُقبل منه تأويله إلَّا بها. عليه أربعة أمورٍ لا يتم له دعواه إلَّا بها: الأمر الأول: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي تأوَّله في ذلك التركيب الذي وقع فيه، وإلَّا كان كاذبًا على اللغة مُنشِئًا وضعًا مِن عنده.

الصفحة

21/ 78

بسم الله الرحمن الرحيم

ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،

الصفحة

3/ 1143

مرحباً بك !
مرحبا بك !