
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وورثة المجوس والمشركين وضُلَّال الصابئين وأشباههم وأشكالهم أعلمَ بالله من ورثة الأنبياء وأهل القرآن والإيمان!». وجعل ابنُ القيِّم الكتابَ كلَّه جوابًا على هذا السؤال، فقال: «إنما يتبيَّنُ حقيقةُ الجواب بفصول». ثم ذكر فصول الكتاب، وعددها أربعة وعشرون فصلًا، متفاوتة الحجم، فيقع بعضها في صفحتين أو صفحات قليلة، ويقع بعضها في عشرات الصفحات، ويقع الفصل الرابع والعشرون منها في مئات الصفحات. وهذا عرضٌ موجزٌ لفصول الكتاب وموضوعاتها الرئيسة: الفصل الأول: في معرفة حقيقة التأويل ومسمَّاه لغةً واصطلاحًا. التأويل هو تفسيرُ ما يؤولُ إليه الشيءُ، ثم تُسمَّى العاقبة تأويلًا، وتُسمَّى حقيقة الشيء المخبَر به تأويلًا، ويُسمَّى تعبيرُ الرؤيا تأويلًا بالاعتبارين؛ فإنه تفسيرٌ لها، وهو عاقبتها وما تؤول إليه، وتُسمَّى العِلة الغائية والحكمة المطلوبة بالفعل تأويلًا؛ لأنها بيانٌ لمقصود الفاعل وغرضه من الفعل الذي لم يعرف الرائي له غرضَه به. والتأويل في اصطلاح أهل التفسير والسلف من أهل الفقه والحديث مرادهم به معنى التفسير والبيان، وأمَّا المعتزلة والجهمية وغيرهم من فرق المتكلمين فمرادهم بالتأويل: صرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته إلى مجازه وما يخالف ظاهرَه. الفصل الثاني: وهو انقسام التأويل إلى صحيح وباطل. التأويل الصحيح هو الذي يُوافق ما دلَّت عليه النصوص، وجاءت به
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يسِّر بفضلك يا كريم، وصلَّى الله على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين (1).
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلَّا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، الموصوف بصفات الجلال، المنعوت بنعوت (2) الكمال، المُنزَّه عمَّا يضاد كماله مِن سلبِ حقائق أسمائه وصفاته، المستلزم لوصفه (3) بالنقائص وشبه (4) المخلوقين، فنفْيُ حقائق أسمائه وصفاته متضمِّنٌ للتعطيل والتشبيه، وإثباتُ حقائقها على وجه الكمال الذي لا يستحقه سواه هو حقيقة التوحيد والتنزيه، فالمُعطِّلُ جاحدٌ لكمال المعبود، والمُمثِّلُ مشبِّهٌ له بالعبيد، والمُوحِّدُ مُثبِتٌ (5) لحقائق أسمائه وكمال أوصافه، وذلك قُطب رَحَى التوحيد، فالمُعطِّل يعبد عدمًا، والمُمثِّل يعبد صنمًا، والمُوحِّد يعبد ربًّا ليس كمثله شيءٌ، له الأسماء الحُسنى والصِّفات العُلى، وسع كلَّ شيءٍ رحمةً وعلمًا.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وحُجته على عباده، فهو رحمته المهداة إلى العالمين، ونعمته التي أتمَّها على أتباعه من المؤمنين، أرسله على حين فترةٍ من الرُّسل، ودروسٍ من الكتب،