
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
معرفة كُنْهها وكيفيتها؛ فإن الله سبحانه لم يكلِّف عباده بذلك، ولا أراده منهم، ولم يجعل لهم إليه سبيلًا. بل كثيرٌ من مخلوقاته أو أكثرها لم يجعل لهم سبيلًا إلى معرفة كنهه وكيفيته، وهذه أرواحهم ـ التي هي أدنى إليهم من كل دانٍ (1) ـ قد حجَبَ عنهم معرفة كنهها وكيفيتها، و [ما] (2) جعَلَ لهم السبيل إلى معرفتها والتمييز (3) بينها وبين أرواح البهائم.
وقد أخبرنا سبحانه عن تفاصيل يوم القيامة وما في الجنة والنار، فقامت حقائقُ ذلك في قلوب أهل الإيمان، وشاهدته عقولُهم، ولم يعرفوا كيفيته وكُنْهه. فلا يشك المسلمون أن في الجنة أنهارًا من خمرٍ، وأنهارًا من عسلٍ، وأنهارًا من لبنٍ، ولكن لا يعرفون كُنْهَ ذلك ومادته وكيفيته؛ إذ كانوا لا يعرفون في الدنيا الخمر إلَّا ما اعتُصِرَ من الأعناب، والعسل إلَّا ما قذفت به النحلُ في بيوتها، واللبن إلَّا ما خرج من الضروع، والحرير إلَّا ما خرج من فم دود القزِّ، وقد فهموا معانيَ ذلك في الجنة من غير أن يكون مماثِلًا لما في الدنيا، كما قال ابن عباسٍ: «ليس في الدنيا ممَّا في الآخرةِ إلَّا الأسماءُ» (4).
ولم يمنعهم عدم النظير في الدُّنيا مِن فَهْمِ ما أُخبروا به من ذلك، فهكذا