[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
كان النظرُ بمعنى الانتظار قد استُعْمِل في قوله: {اُنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} [الحديد: 13] وقوله تعالى: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ اُلْمُرْسَلُونَ} [النمل: 36].
ومثلُ هذا قولُ الجهمي المُلبِّس: «إذا قال لك المشبِّه: {اَلرَّحْمَنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى} [طه: 4] فقل له: العرش له عدَّة (1) معانٍ، والاستواء له خمسةُ معانٍ، فأي ذلك المراد؟ فإن المشبِّه يتحير ولا يدري ما يقول، ويكفيك مؤونته».
فيقال لهذا الجاهل الظالم الفاتن المفتون: ويلَك! ما ذنب الموحِّد الذي سمَّيتَه أنت وأصحابك مُشبِّهًا، وقد قال لك نفس ما قال الله، فوالله لو كان مُشبِّهًا ـ كما تزعم ـ لكان أولى بالله ورسوله منك؛ لأنه لم يتعدَّ النص.
وأمَّا قولك: «للعرش سبعة معانٍ أو نحوها، وللاستواء خمسة معانٍ». فتلبيسٌ منك، وتمويهٌ على الجُهال، وكذبٌ ظاهرٌ؛ فإنه ليس لعرش الرحمن الذي استوى عليه إلَّا معنًى واحد، وإن كان للعرش من حيث الجملة عدة معانٍ، فاللام للعهد، وقد صار بها العرشُ مُعَيَّنًا، وهو عرش الربِّ جل جلاله الذي هو سَرِير مُلكه، الذي اتفقت عليه الرُّسل (2)، وأقرَّت به الأُمم إلَّا مَن نابَذَ الرُّسلَ.
وقولك: «الاستواء له عدَّة معانٍ». تلبيسٌ آخر؛ فإن الاستواء المُعدَّى بأداة «على» ليس له إلَّا معنًى واحد. وأمَّا الاستواء المطلق فله عدة معانٍ،