
[آثارالإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33)]
تحقيق: حسين بن عكاشة بن رمضان
تخريج: حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد
راجعه: محمد أجمل الإصلاحي - سعود بن عبد العزيز العريفي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الأولى (لدار ابن حزم)، 1442 هـ - 2020
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات: 1143
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (33) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) تحقيق حسين بن عكاشة بن رمضان تخريج حسين بن حسن باقر - كريم محمد عيد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد (رحمه الله تعالى) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
واستعصاءِ القوى (1) الغضبية والشهوانية عليه وهي المسمَّاة بالشياطين، فعبَّر عن خضوع القوى الفاضلة بالسجود، وعبر عن إباء القوى الشريرة الفاسدة بالإباء والاستكبار وترك السجود.
قالوا: والحكمة الإلهية اقتضت تركيب الإنسان على هذا الوجه وإسكان هذه القوى فيه، وانقياد بعضها له وإباء بعضها، فهذا شأن الإنسان، ولو كان على غير هذا التركيب لم يكن إنسانًا.
قالوا: وبهذا تندفع الأسولة كلها، ويظهر بطلانها، وأنها بمنزلة أن يقال: لِمَ أحوج الإنسان إلى الأكل والشرب واللباس؟ ولمَّا أحوجه إليه فلِمَ جعله يبول ويتغوط ويتمخط؟ ولم جعله يمرض ويهرم ويموت؟ فإن هذه الأمور من لوازم النشأة الإنسانية التي لو قدر ارتفاعها لارتفعت هذه النشأة.
فهذه الطائفة رفعت القواعد من أصلها، وأبطلت آدم وإبليس والملائكة، وردت الأمر إلى مجرد قوى نفسانية وأمور معنوية.
وقالت الجبرية ومنكرو الحِكَم والتعليل: هذه الأسولة إنما ترد على من يفعل لعلةٍ أو لغرضٍ أو لغايةٍ. فأمَّا من لا علة لفعله ولا غاية ولا غرض بل يفعل ما يفعله بلا سببٍ ولا غايةٍ، وإنما مصدر مفعولاته (2) محض مشيئته، وغايتها مطابقتها لعلمه وإرادته، فيجيء فعله على وفق إرادته وعلمه. وعلى هذا فهذه الأسولة فاسدةٌ كلها؛ إذ مبناها على أصلٍ واحدٍ، وهو تعليل أفعال من لا تُعلل أفعاله ولا يُوصف بحُسنٍ ولا قُبحٍ عقليين، بل الحسن ما فعله، وما فعله فكله حسنٌ، لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يسألون.