
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (19)]
المحقق: عدنان بن صفاخان البخاري
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أُمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقَذَف هذا، وأكل مال هذا، وسَفَك دم هذا، وضَرَب هذا، فيُعْطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإنْ فَنِيَت حسناته قبل أنْ يقضى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَت عليه، ثُمَّ طُرِح في النَّار».
فسُمِّي هذا الرجل عياذًا بالله «مفلسًا» باعتبار مآله، مع إثبات العمل له، من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ؛ لكن لمَّا ذهب ثوابها صحَّ أن يوصف بالإفلاس.
فإذَنْ .. لا يصحُّ فهم لفظ الحديث الماضي بأنَّهم لم يكونوا يصلُّون ابتداءًا، بل كانوا يصلُّون، لكنَّ الله قضى عليهم دخول النَّار بأعمالهم التي أَبْطَلت أو أَذْهَبَت ثواب صلاتهم.
الوجه الثالث: أنَّ ممَّا يؤكِّد على هذا المعنى أيضًا وصف هؤلاء بالسُّجود، وذلك في قوله: «حتى إذا فَرَغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئًا، ممَّن أراد الله تعالى أن يرحمه، ممَّن يقول: «لا إله إلا الله»، فيعرفونهم في النَّار، يعرفونهم بأثر السُّجود؛ تأكل النَّار من ابن آدم إلا أثر السُّجُود، حرَّم الله على النَّار أن تأكل أثر السُّجود .. ».
فتبيَّن من هذا أنَّ هؤلاء المُخْرَجِين كانوا يصلُّون، وأنَّ النَّار أكلت صورهم ولكن بقيت آثار السجود، الدَّالة على أنَّهم كانوا من المصلِّين
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ربِّ يسِّر، وعليك التَّيسير، وسهِّل كلَّ عسيرٍ، آمين (1).
الحمد لله ربِّ العالمين، ما يقول السَّادة (2) العلماء، أئمَّة الدِّين، وفَّقهم (3) الله وأرشدهم، وهداهم وسدَّدهم، في تارك الصَّلاة عامدًا؛ هل يجب قتله أم لا؟ وإذا قُتِلَ فهل يُقْتَل كما يُقْتَل المرتدُّ والكافر؛ فلا يغسَّل، ولا يصلَّى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين أم يُقتل حدًّا مع الحكم بإسلامه؟ وهل تحبط الأعمال وتبطُل بترك الصَّلاة، أم لا؟ وهل تُقْبَل صلاة النَّهار باللَّيل، وصلاة اللَّيل بالنَّهار، أم لا؟ وهل تصحُّ صلاة من صلَّى وحده، وهو يقدر على الصَّلاة جماعةً، أم لا؟ وإذا صحَّت فهل يأثم بترك الجماعة، أم لا؟ وهل يُشترط حضور المسجد، أم يجوز فعلها في البيت؟ وما حكم من نَقَر الصَّلاة، ولم يُتمَّ ركوعها وسجودها؟ وما كان مقدار صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وما حقيقة التَّخفيف