[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (4)]
المحقق: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - جديع بن جديع الجديع
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الخامسة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 93
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد، فهذه الرسالة التي بين أيدينا من مؤلفات الإمام العلامة ابن قيم الجوزية -رحمه الله-، وقد كتبها في المحرم سنة 733 بتبوك، وأرسلها إلى أصحابه في بلاد الشام، فسمِّيت بـ"الرسالة التبوكية". فسَّر فيها المؤلف قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]، وذكر أن من أعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله باليد واللسان والقلب، مساعدة ونصيحة وتعليمًا وإرشادًا. وبيَّن أن زاد هذا السفر العلم الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وطريقه بذل الجهد واستفراغ الوسع، ومَركبه صِدقُ اللجأ إلى الله والانقطاع إليه بالكلية وتحقيق الافتقار إليه من كل وجه. ورأس مال الأمر وعموده في ذلك إنما هو دوام التفكر والتدبّر في آيات القرآن، بحيث يستولي على الفكر ويشغل القلب، وتصير معاني القرآن مكان الخواطر من قلبه. ثم استطرد إلى بيان كيفية تدبر القرآن وتفهُّمه والإشراف على عجائبه وكنوزه، ففسَّر الآيات 24 - 30 من سورة الذاريات، واستنبط أسرارها وأثار كنوزها وأفاض في بيانها، ليُجعَل ذلك نموذجًا يُحتذَى في تدبر القرآن.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[وبه نستعين وعليه نتوكل] (1)
قال الشيخ [الإمام العالم العلامة محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيِّم الجوزية] (2) -رضي الله عنه وأرضاه- في كتابه الذي سَيَّرهُ من تبوكَ (3) ثامن المحرَّمِ سنةَ ثلاث وثلاثينَ وسبع مئة من الهجرة النبوية، بعد إرسالِ المنظومةِ التي أولها (4):
إذا طَلَعَتْ شمسُ النهارِ فإنَّها ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .