الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب

الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب

6907 3

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (2)]

راجعه: حاتم بن عارف الشريف - يحيى بن عبد الله الثمالي

مشاركة

فهرس الموضوعات

وليس في عباراتهم ما يقتضي تجويزهم -بَلْهَ استحبابهم- للعمل بخبرٍ لم يثبت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيما لم يأتِ ما يشهد له من الشرع. وعبارةُ بعضهم صريحةٌ في أن مَوْرِد التساهل إنما هو فيما لا يضع حكمًا ولا يرفعه، أو فيما لا يتعلَّق به حكم، ونحو ذلك.
أمَّا الأحاديث الضعيفة في أبواب الأدعية والأذكار، فإن الداعي أو الذاكر إذا قصد التعبُّدَ بأعيانِ ألفاظها، في ذلك الزمان الخاصّ، بتلك الكيفية الخاصة؛ فسبيل هذا سبيلُ الأحكام الشرعية التي لا تؤخَذُ إلّا مِنْ صِحاح الآثار ومستقيم الروايات، أمّا إن لم يقصد ذلك، وإنّما اختارها لإيجازها وبُعْدِها عن التكلُّفِ ونحو ذلك؛ فالأمر واسعٌ إن شاء الله، وعلى مثله تُحمَل عبارات الأئمة: أبي زرعة وابن خزيمة والحاكم والبيهقي المُشار إليها آنفًا، والله أعلم.
وقال العلّامة المعلّمي: ". . . صيغةُ الدعاء المرويَّةِ بسندٍ ضعيفٍ يكثرُ الانتفاع بها بدون ارتكاب محظور، فقد يختار المكلَّف ذلك الدعاء لا لكونه مأثورًا، بل لكونه جامعًا للمقاصد، أو بليغًا، أو مناسبًا لحاله، ونحو ذلك، وإذا اختير دعاءٌ لِداعٍ من هذه الدواعي، وواظب عليه المختارُ لم يكن عليه حرجٌ إجماعًا. . ." (1) .
وينبغي -مع هذا- أنْ يُقْرَنَ الحديثُ الضعيفُ في عصرنا ببيان

الصفحة

30/ 60

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين هذه رسالة كتبها شيخنا الإمام العالم الحَبْر العلّامة شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، المعروف بابن قيم الجوزية، تغمده الله برحمته، إلى بعض إخوانه، وسمّاها "الكلم الطيب والعمل الصالح"، وهي كما سمّاها (1).
قال: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللهُ سبحانه وتعالى المسئُول (2) المرجوُّ الإجابة أن يتولاكم في الدنيا والآخرة، وأن يُسْبِغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنةً (3)، وأن يجعلكم ممن إذا أنْعَم الله عليه شكر، وإذا ابْتُلِيَ صبر، وإذا أذنب استغفر؛ فإن هذه الأمور الثلاثة هي عُنوان سعادة العبد، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه، ولا يَنْفَكُّ عبدٌ عنها أبدًا، فإنّ العبد دائمًا يتقلَّبُ بين هذه الأطباق الثلاث.
نِعَمٌ من الله تعالى تترادف عليه، فَقَيْدُها الشكر، وهو مبنيّ على ثلاثة أركان: الاعتراف بها باطنًا، والتحدث بها ظاهرًا، وتصريفها في مرضاة

الصفحة

5/ 532

مرحباً بك !
مرحبا بك !